هل أنت كسول للغاية لكي تبدأ في ممارسة الرياضة؟ فقط شاهد الآخرين في صالة الألعاب الرياضية أو عبر مقاطع الفيديو، إذ يمكن لمجرد المشاهدة أن تحقق لك مكاسب صحية.

بحسب دراسات علمية متخصصة، اتضح أن مشاهدة التمارين الرياضية فقط يزيد في الواقع من معدل ضربات القلب والمقاييس الفسيولوجية الأخرى في جسم المتفرج، تماماً كما لو كان يمارس التمارين بنفسه.

لكن مهلاً، هناك بعض الشروط والمعايير لتحقيق تلك الفائدة، كما أن الخبراء وضّحوا ما إذا كان ذلك يُعد بديلاً كافياً لممارسة الرياضة بشكل مباشر.

من الضروري ممارسة الرياضة بشكل ثابت - Shuttertock
من الضروري ممارسة الرياضة بشكل ثابت – Shuttertock

فوائد مشاهدة التمارين الرياضية

وجد باحثون من جامعة ويسترن سيدني الأمريكية أن مشاهدة الرياضة يمكن أن تفيد الصحة بشكل طفيف مقارنة بمشاهدة أي محتوى ترفيهي آخر، وذلك عن طريق زيادة معدل ضربات القلب والتنفس وتدفق الدم في الجلد.

ووجدت الدراسة أنه عندما يشاهد الأشخاص مقطع فيديو لشخص آخر يركض، فإن معدل ضربات القلب والتنفس وتدفق الدم للجلد كلها تزداد، وتعود إلى طبيعتها في نهاية “الجري” عندما ينتهي الشخص في المقطع.

الأهم من ذلك أنه اتضح لأول مرة أن نشاط العصب السمبثاوي العضلي يزداد عندما نشاهد جهداً بدنياً يمارسه الآخرون.

وفي تصريحات لفوغان مايسفيلد، أستاذ علم وظائف الأعضاء التكاملي في كلية الطب بجامعة ويسكونسن الأمريكية: “يوفر تسجيل هذا النشاط العصبي مقياساً حساساً للغاية لاستجابات الجسم الفسيولوجية للإجهاد البدني أو العقلي”.

جدير بالذكر هنا أن الجهاز العصبي الودي أو السمبثاوي – الذي يغذي القلب والغدد العرقية والأوعية الدموية، وكذلك الأنسجة الأخرى – يزيد من نشاطه أثناء التمرين الفعلي، لكن اتضح أيضاً أنه يزداد عند مشاهدة الجهد البدني.

كيف تمكن العلماء من قياس هذا التأثير؟

أثناء الدراسة التي نشرتها مجلة “فرونتايرز نيوروساينس” البحثية لعلوم الأعصاب، تم إدخال إبر رفيعة جداً في العصب الخارجي للمتطوعين لتسجيل الإشارات الكهربائية للألياف العصبية الموجهة إلى الأوعية الدموية لديهم، مما يوفر مقياساً حساساً للغاية لاستجابات الجسم الفسيولوجية للإجهاد البدني أو العقلي.

ثم عُرض على المشاركين في البداية صورة ثابتة على شاشة الكمبيوتر بينما كان الباحثون يراقبون نشاط العصب السمبثاوي العضلي والمعايير الفسيولوجية الأخرى.

ظلت هذه القياسات ثابتة أثناء عرض الصورة الثابتة للمناظر الطبيعية، ولكن هذا ما لم يحدث عندما عُرض عليهم مقطع فيديو مدته 22 دقيقة تم تصويره بواسطة عداء يقوم بهرولة قوية؛ مما جعل الباحثين يجلسون وينتبهون.

وعلى الرغم من أن هذه التغييرات كانت طفيفة، إلا أنها كانت استجابات فسيولوجية متطابقة لما قد يحدث أثناء ممارسة التمارين الرياضية، وكانت ردود الفعل نفسية المنشأ – أي أنها نشأت من العقل وليس من الجسد.

اتضح أن مشاهدة مقاطع الرياضة يمكن أن يحقق بعض الجهد البدني - Shutterstock
اتضح أن مشاهدة مقاطع الرياضة يمكن أن يحقق بعض الجهد البدني – Shutterstock

هل هذا كافٍ كبديل لممارسة الرياضة؟

بالطبع لا، إذ لا يزال يجب الحصول على قسط ثابت أسبوعياً من الرياضة والجهد البدني للحصول على صحة جسدية ونفسية أفضل.

ويُعد الجانب السلبي لهذه الدراسة حول تأثير مشاهدة التمارين الرياضية أنها ستقدم لبعض الأشخاص عذراً بأن مجرد مشاهدة الماراثون أو مقاطع فيديو التمرينات الرياضة هو نظام التمرين المفضل الجديد لديهم وهم يجلسون على أريكتهم دون أن يحركوا ساكناً.

يؤكد العلماء أن الأمر لا يعمل بهذه الطريقة أبداً. إذ كانت معدلات التأثير طفيفة للغاية بالمقارنة مع الجهد البدني والتأثير الجسدي لممارسة الرياضة بمعدل ثابت لمدة 30 دقيقة / لـ5 مرات أسبوعياً على الأقل.

كذلك عند ممارسة التمارين الرياضية بانتظام وبمستوى كثافة مناسب، يمكن أن تحقق فوائد نفسية وجسدية لا تصدَّق.

وهي وفقاً لما ذكره موقع “هيلث دايركت” (Health Direct) الطبي تشمل الحد من مخاطر الأمراض مثل أمراض القلب والرئة، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، والسمنة، والسرطان، والخرف، والزهايمر، وباركنسون.

كذلك فهي تساعد الناس على التعافي من السكتة الدماغية والعديد من الأمراض والحالات الأخرى. إضافة إلى أنها تساعد على إنقاص الوزن والحفاظ على لياقة بدنية عالية.

المشاهدة فقط تسببت في رد فعل جسدي يضاهي ممارسة الرياضة نسبياً - ShutterStock
المشاهدة فقط تسببت في رد فعل جسدي يضاهي ممارسة الرياضة نسبياً – ShutterStock

أما على الجانب النفسي، فإن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تمنحنا الشعور بالانتماء والهدف والطاقة والتحفيز، وهي أيضاً فعالة في تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع مشاعرنا ونستجيب لها، وتقلل من مقدار تفكيرنا الزائد، وتبني المرونة العاطفية الكافية لتحمُّل الضغوط.

وبحسب موقع “لايف ساينس” (Live Science)، يساعد ذلك في تقليل أعراض الاكتئاب والقلق، مما يجعلنا نتصرف بشكل مختلف، ويعزز تقديرنا لذاتنا، ويقلل من شعورنا بالوحدة والعزلة اجتماعية.