تمكن الممثل المكسيكي/الأمريكي، أنطوني كوين، من أن يكتب اسمه بحروف من ذهب، في عالم السينما العالمية، من خلال أدواره العديدة، التي كان وما زال الكثير منها راسخ في ذاكرة جمهوره.

فهذا الممثل الذي تمكن من الحصول على جائزتي أوسكار في تاريخه الفني، له مكانة خاصة في قلوب الجمهور العربي، وذلك لأنه شارك في عدد من الأعمال العربية التاريخية، أبرزها فيلم “الرسالة”، للمخرج السوري مصطفى العقاد، وكان من بين أصدقاء النجم الراحل عمر الشريف، بعد أن شاركه التمثيل لأول مرة في فيلم “لورنس العرب”.

أنطوني كوين.. أول ممثل ميكسيكي حاصل على الأوسكار

وُلد أنطوني كوين في مدينة شيواوا بالمكسيك سنة 1915، من أب أيرلندي وأم مكسيكية، وكانت بدايته في عالم الفن والتشخيص على خشبة المسرح في أمريكا، خلال سنوات الثلاثينيات.

لكن الانطلاقة الحقيقية له كانت في الخمسينيات، حيث برزت موهبته من خلال المشاركة في فيلم “The Brave Bulls” سنة 1951، ليقدم في السنة الموالية فيلم “فيفا زباطة“، وهو الفيلم الذي وضعه على الطريق الصحيح، وجعل منه نجماً هوليوودياً حقيقياً.

أنطوني كوين يحصل على جائزة الاوسكار| مواقع التواصل
أنطوني كوين يحصل على جائزة الاوسكار| مواقع التواصل

إذ تمكن أنطوني كوين، من خلال دوره في هذا الفيلم، والذي تمحور حول شخصية شقيق الثوري المكسيكي الشهير إميليانو زباطة، من الحصول على أول جائزة أوسكار في مساره الفني، عن فئة أفضل دور ثانوي، كما كان أول ممثل من أصول مكسيكية يحصل على هذه الجائزة في التاريخ.

استمر نجاح كوين في السينما الأمريكية إلى سنة 1954، حيث حصل على أول دور بطولي له، ولكن هذه المرة كانت من خلال الفيلم الإيطالي “La Strada”، وهنا بدأت رحلة النجومية من خلال أدوار البطولة.

“لورانس العرب”.. بداية العلاقة بين أنطوني كوين والجمهور العربي

بدأت علاقة أنطوني كوين مع الوطن العربي سنة 1962، عندما شارك في فيلم “لورنس العرب“، الذي صُور في الأردن، والتقى فيه لأول مرة رفقة الممثل عمر الشريف، الذي كان حينها في بداية مشواره الفني العالمي.

فبعد مساره الحافل بالنجاحات، والأدوار القوية، فتح كوين لنفسه صفحة جديدة، من خلال الأدوار التاريخية، والتي قربته بشكل كبير من الجمهور العربي، خصوصاً أنه في فيلم “لورانس العرب”، قدّم شخصية مهمة، بدور عودة أبو تايه، وهو واحد من بين الأسماء البارزة في الثورة العربية الكبرى، خلال فترة تحرير جزيرة العرب من السلطة العثمانية.

أنطوني كوين| مواقع التواصل
أنطوني كوين| مواقع التواصل

تحديات فيلم الرسالة التي قرّبته من الإسلام

فيلم الرسالة، الذي أخرجه المخرج السوري الأمريكي مصطفى العقاد سنة 1974، والذي صوره هذا الأخير في نسختين، واحدة عربية وأخرى إنجليزية، ليكون بذلك جسراً لإيصال الصورة الحقيقية عن الإسلام للعرب، كان من بين أبطاله الممثل أنطوني كوين.

قدم كوين شخصية حمزة عم النبي، عليه الصلاة والسلام، وكان من أكبر تحدياته هو عدم وجود شخصية للنبي، إذ إنه كان يجب عليه التمثيل والحديث إليه وهو غير موجود، إذ قال في أحد تصريحاته “ليس فقط أنك لا ترى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، بل إنك لا ترى حتى ظله”.

أنطوني كوين في فيلم الرسالة| مواقع التواصل
أنطوني كوين في فيلم الرسالة| مواقع التواصل

وبالرغم من أنه كان يجسد شخصية عربية، فإن الجمهور صدق كوين في دوره الذي قدمه، فقد كان قريباً منهم، ليس فقط في الأداء، وإنما في الشكل كذلك، مما جعله محبوباً لدى الجمهور العربي.

ومن بين الكواليس التي رافقت تصوير الفيلم، أنه عندما طلب من المخرج أن يتم تصوير المشاهد العربية التي تخص شخصية حمزة عم الرسول عليه الصلاة والسلام، والتي قدمها الممثل المصري عبد الله غيث، قبل تصوير مشاهده بالإنجليزية، وذلك من أجل تقديم الدور بالطريقة الصحيحة، بالروح العربية التي يجب أن تصل إلى الجمهور.

أهم أدواره “عمر المختار أسد الصحراء”

قوة الشخصية التي قدمها، وأداؤه المبهر لشخصية “عمر المختار”، في فيلم “أسد الصحراء”، كانا من بين العوامل التي زادت علاقة أنطوني كوين بالجمهور العربي، والإسلامي على وجه الخصوص، وذلك لاعتباره واحداً من بين أهم الفنانين المساهمين في تحسين صورة المسلمين والعرب لدى الغرب.

إذ إنه جعل الجمهور والنقاد، على حد سواء، يشيدون بما قدمه هذا الفنان في هذا العمل، الذي كشف عن قصة قائد المقاومة الليبية عمر المختار، ضد الاحتلال الإيطالي.

أنطوني كوين من فيلم عمر المختار| مواقع التواصل
أنطوني كوين من فيلم عمر المختار| مواقع التواصل

وعن تحضيره لهذه الشخصية، حسب ما نشرته صحيفة “اليوم السابع“، فإن كوين قام بزيارة مختلف القرى في ليبيا قبل بداية التصوير، كما أنه عاش مع البدو، وتعرف على عاداتهم وسلوكياتهم، لكي يكون على دراية كاملة بالتفاصيل الصغيرة التي تخص الشخصية.

وفي تصريح له حول شخصية عمر المختار، قال كوين إنه لم يكن من السهل تقديم هذا الدور، لأن قوة هذا الرجل كانت في ضعفه، لهذا كان للمخرج مصطفى العقاد دور كبير في فهمه للشخصية، والتعمق في تفاصيلها من خلال الكتابة.

ويضيف :”ما ساعدني كذلك على التفوق في هذه الشخصية هو الشبه في الشكل والتقارب في العمر، وهو كان في الحقيقة رجلاً نشيطاً وقوياً، يقود قواته بشجاعة منقطعة النظير”.