تعمل العديد من دول العالم، في مقدمتها اليابان وألمانيا، من أجل إنتاج ما يسمى بـ”الهيدروجين الأخضر”، وذلك لاستخدامه بديلاً للوقود الإحفوري في العديد من المجالات الهامة بالحياة مثل الصناعة والطاقة، في حين يعتبر الهيدروجين الأخضر بديلاً مثالياً للدول التي تسعى لمكافحة تغير المناخ، فما هو الهيدروجين الأخضر، وكيف يتم صنعه، وما أبرز استخداماته، وما الدول التي تتنافس على تصنيعه؟

ما هو الهيدروجين الأخضر؟

وفقاً لما ذكرته شبكة CNBC الأمريكية، فإنّ الهيدروجين الأخضر نوع من الهيدروجين الذي يصنع باستخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح.

أما عن كيفية إنتاج الهيدروجين الأخضر فيتم عن طريق عملية تسمى “التحليل الكهربائي”، إذ يستخدم التيار الكهربائي لتجزيء الماء إلى هيدروجين وأوكسجين.

وبما أن إنتاجه يتم باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، فإن الهيدروجين الأخضر لا تنبعث عنه غازات الاحتباس الحراري أو الملوثات الضارة، مما يجعله بديلاً صديقاً للبيئة ومستداماً للوقود التقليدي الذي يعتمد على الوقود الأحفوري.

Shutter Stock/ الهيدروجين الأخضر
Shutter Stock/ الهيدروجين الأخضر

استخدامات الهيدروجين الأخضر

للهيدروجين الأخضر مجموعة واسعة من الاستخدامات في مختلف القطاعات، أما أبرز تلك الاستخدامات فهي وفقاً لما ذكره موقع الاستدامة النشطة “Active Sustainability“:

النقل

يمكن استخدام الهيدروجين الأخضر كوقود للمركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود، كما يتم تحويل الهيدروجين إلى كهرباء في خلايا الوقود لتشغيل المحركات الكهربائية، وبذلك يتم تحقيق قيادة نظيفة بلا انبعاثات كربونية.

وكانت شركة هيونداي قد أعلنت في وقت سابق، أنها ستقوم بتصنيع 500000 سيارة هيدروجين بحلول عام 2030، بينما بدأت باريس في تطوير أسطول من سيارات الأجرة التي تعمل على هذا الوقود، وفي العديد من المدن الأوروبية تعمل مركبات جمع النفايات بالفعل بهذه التكنولوجيا.

بينما سيكون الهيدروجين الأخضر أيضاً مفتاحاً لمركبات التعدين والقطارات والطائرات والشاحنات والحافلات وحتى النقل البحري.

الصناعة

يستخدم الهيدروجين حالياً بشكل أساسي في قطاعين؛ الأول في الصناعة الكيميائية لتصنيع الأمونيا والأسمدة والمواد البلاستيكية، في حين أن استخدامه الرئيسي الثاني في صناعة البتروكيماويات بعمليات تكرير النفط وإنتاج الصلب.

علاوة على ذلك، بدأ استخدامه في صناعة الصلب، وهو قطاع يتعرض لضغط كبير في أوروبا بسبب تأثيره الملوث.

بفضل هذا الغاز، هناك فرصة لتغيير بعض عمليات الصناعة لجعلها أقل عدوانية تجاه البيئة.

الاستخدام المنزلي

يمكن استخدام الهيدروجين الأخضر كوسيلة لتخزين الطاقة المتجددة، إذ يمكن إنتاج الهيدروجين من الطاقة الشمسية أو الرياح في فترات الفائض، ويمكن استخدامه لإنتاج الكهرباء في الأوقات التي يكون فيها الطلب على الكهرباء مرتفعاً.

ويعمل العلماء حالياً على تطوير بطاريات من الطاقة المنتجة من الطاقة المتجددة عن طريق التحليل الكهربائي، ومع ذلك أدت المحاولات الأولية إلى انخفاض كفاءة الطاقة مقارنة بالبطاريات التقليدية، وفقاً لما ذكره موقع AZoCleantech المتخصص في معلومات التكنولوجيا.

أنظمة التدفئة السكنية والتجارية

يستخدم الهيدروجين الأخضر أيضاً لإزالة الكربون من أنظمة التدفئة السكنية والتجارية، والتي تعد مصدراً رئيسياً لانبعاثات الكربون في العديد من البلدان.

يتم خلط الهيدروجين الأخضر مع الغاز الطبيعي “كحل سريع” لتقليل الانبعاثات المرتبطة بالتدفئة.

هذه أبرز الاستخدامات الرئيسية للهيدروجين الأخضر، ومع التطور التكنولوجي والتوسع في البنية التحتية، يُمكن أن يظهر المزيد من الاستخدامات المبتكرة والفرص في المستقبل.

تسابق الدول العالمية للحصول على الهيدروجين الأخضر

تشهد العديد من الدول اليوم سباقاً لتطوير الهيدروجين الأخضر وتعزيز استخدامه، للعديد من الأسباب، منها:

الحد من الانبعاثات الكربونية: كما قلنا سابقاً فإن إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال التحليل الكهربائي يجعله صديقاً للبيئة ويقلل من مستوى غازات الاحتباس الحراري.

التحول الطاقي: يمكن استخدامه كوقود نظيف في عدة قطاعات، وضمن ذلك النقل والصناعة وإنتاج الطاقة، إذ تدرك الدول أن الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الهيدروجين الأخضر يمكن أن يساعد في تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة وزيادة أمن الطاقة.

تخزين الطاقة المتجددة: أحد التحديات التي تواجه مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح هو تقطُّعها، فإنّ الهيدروجين الأخضر يمكن أن يكون مخزناً بشكل احتياطي لاستخدامه في الأوقات الحرجة.

الفرص الاقتصادية: من المتوقع أن ينمو السوق العالمية للهيدروجين بشكل كبير في السنوات القادمة، لذلك تهدف الدول إلى تعزيز موقعها كقادة في هذه الصناعة الناشئة، وخلق فرص اقتصادية جديدة، وتوليد وظائف، وجذب الاستثمارات، إذ تدرك تلك الدول أن وجودها في طليعة الدول التي تعمل على تطوير الهيدروجين الأخضر يمكن أن يوفر ميزة تنافسية ويعزز اقتصاداتها.

أهداف التنمية المستدامة: العديد من الدول ملتزمة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة المحددة من قبل الأمم المتحدة، والهيدروجين الأخضر يتماشى مع العديد من هذه الأهداف.

Shutter Stock/ يمكن استخدام الهيدروجين الأخضر كوقود للمركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود
Shutter Stock/ يمكن استخدام الهيدروجين الأخضر كوقود للمركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود

الدول التي تتسابق للحصول على الهيدروجين الأخضر

هناك العديد من الدول التي تشارك في السباق العالمي للحصول على الهيدروجين الأخضر، وأبرز هذه الدول تشمل:

1- الصين

تقود الصين الطريق، حيث تستهلك وتنتج الهيدروجين أكثر من أي دولة أخرى، مع الاستخدام السنوي الحالي لأكثر من 24 مليون طن.

تنتج بكين في الغالب الهيدروجين “الرمادي” ، مما يعني أنه يتم إنتاجه من الوقود الأحفوري مثل الفحم.

ومع ذلك، منذ عام 2019، يعمل أكثر من 30 مشروعاً باستخدام الهيدروجين “الأخضر” الذي يتم إنشاؤه من استخدام الطاقة المتجددة الخالية من الانبعاثات.

تم إطلاق أول خارطة طريق للهيدروجين بالبلاد في عام 2016، مما أدى إلى تطوير ثالث أكبر أسطول للمركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين الأخضر.

تعترف الخطة الاقتصادية الخمسية للصين بأن الهيدروجين هو إحدى الصناعات الست المستقبلية.

وعلى الرغم من عدم وجود استراتيجية وطنية مطبقة حالياً، فإن الهيدروجين يحتوي على 16 استراتيجية للطاقة على مستوى المقاطعات، وفقاً لما ذكره موقع Travel Tomorrow.

2- الاتحاد الأوروبي بقيادة ألمانيا

أطلق الاتحاد الأوروبي استراتيجيته للهيدروجين في عام 2020 كجزء من البرنامج الرائد للاتحاد، وتركز هذه الاستراتيجية بشكل كبير على الهيدروجين الأخضر الخالي من الانبعاثات، بهدف تثبيت 40 غيغاوات من قدرة المحلل الكهربائي للهيدروجين المتجدد بحلول عام 2030.

ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات مع قدرة الهيدروجين الخضراء في أوروبا لتصل إلى 2.7 غيغاوات فقط بحلول عام 2025.

في حين تعتبر ألمانيا أبرز دول الاتحاد الأوروبي التي تسعى للعب  دور رائد في الهيدروجين الأخضر، إذ بدأت الاستثمار في مشاريع توليد الهيدروجين الأخضر والبنية التحتية المرتبطة به.

3- اليابان

تعتبر اليابان واحدة من الدول الرائدة في مجال الهيدروجين الأخضر وتسعى إلى استخدامه بشكل واسع في قطاعات مختلفة مثل النقل والصناعة والطاقة، كما بدأت تستثمر في البحث والتطوير وتطوير البنية التحتية للهيدروجين.

في عام 2017، أصبحت اليابان أول دولة تضع استراتيجية وطنية للهيدروجين كجزء من طموحها لتصبح “مجتمع الهيدروجين” الأول في العالم من خلال اعتماد الوقود بجميع القطاعات.

نظراً إلى أن الدولة تفتقر إلى الموارد الطبيعية اللازمة لنشر مستويات كافية من طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية لتوليد الهيدروجين النظيف على نطاق واسع، فإنها تعمل على تطوير اتفاقيات توريد طويلة الأجل لاستيراد الهيدروجين من الخارج.

4- الهند

في الهند، يفكر صانعو السياسة في تشريع يطالب مصافي النفط ومصانع الأسمدة باستخدام حصة دنيا من الهيدروجين الأخضر في عملياتهم الصناعية.

وفقاً لرئيس الوزراء ناريندرا مودي، يمكن أن يساعد الهيدروجين “الأخضر” الهند على تحقيق “قفزة نوعية” لاستقلال الطاقة بحلول عام 2047.

5- كوريا الجنوبية

أشادت خارطة طريق الهيدروجين في كوريا الجنوبية لعام 2019 بالهيدروجين النظيف باعتباره محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.

تريد سيئول أن تصبح رائدة عالمياً في إنتاج ونشر الهيدروجين الأخضر وخلايا الوقود الثابتة واسعة النطاق لتوليد الطاقة الهيدروجينية.

في عام 2022 أصدرت كوريا الجنوبية أول قانون في العالم يهدف إلى تعزيز مركبات الهيدروجين ومحطات الشحن به.

6-  الولايات المتحدة الأمريكية

الولايات المتحدة هي ثاني أكبر منتج ومستهلك للهيدروجين في العالم بعد الصين، حيث تمثل 13% من الطلب العالمي.

دعمت ولايات مثل كاليفورنيا، نمو سوق الهيدروجين الأخضر في البلاد لأكثر من عقد، من خلال مبادرات مثل برنامج خصم كبير على بيع السيارات التي تعمل بهذا النوع من الوقود.

وهناك أيضاً العديد من الدول الأخرى التي تشارك في السباق للحصول على الهيدروجين الأخضر، من ضمنها أستراليا وفرنسا والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة.