بينما تستعد المملكة المتحدة لأول حفل تتويج ملكي لها منذ أكثر من 70 عاماً، تتأهب العائلة المالكة وتُعد جواهر التاج التاريخي المرتبط بمراسم التتويج لإتمام طقوس الاحتفال الملكي المتقن.

وبشكل عام، يُضفي تتويج الملك تشارلز الثالث في 6 مايو/أيار عام 2023 طابعاً رسمياً على دوره كرئيس لكنيسة إنجلترا، ويمثل الاحتفال عملية نقل لقبه وسلطاته، ومن المقرر أن يُقام الحفل في وستمنستر أبي، بأبهة وتكاليف لم يسبق لها مثيل من قبل أو تمت رؤيته من قبل أي شخص منذ نحو 70 عاماً وقت تتويج والدته الملكة إليزابيث الثانية.

ولأن بريطانيا تتمتع بنظام ملكي طويل الأمد، وتاريخ من الإمبريالية والاستعمار، هناك جواهر يتم توارثها منذ قرون بين ملوك وملكات الإمبراطورية التي يتم إدراجها ضمن مراسم يومهم المميز.

ومع ذلك، ليست كل جواهر التيجان الملكية لها نفس القيمة أو الاعتزاز، إذ إنه تم تغيير بعض القطع قبل التتويج لتجنب الجدل العام وإثارة سخط الجماهير.

تاج سانت إدوارد الملكي الذي ارتبط بتتويج حاكم بريطانيا منذ عقود - Wikimedia Commons
تاج سانت إدوارد الملكي الذي ارتبط بتتويج حاكم بريطانيا منذ عقود – Wikimedia Commons

التيجان الأساسية لمراسم حفل التتويج

تعتبر التيجان الملكية التي سيرتديها الملك تشارلز والملكة كاميلا رمزاً مرئياً لامتداد إرث الملكية البريطانية إلى الأبد، فهي تمتلك قروناً طويلة من الأهمية التاريخية، بالرغم من أن بعضها لا يثير ذات القدر من الاعتزاز والفخر بين الجماهير؛ إذ سيتم تتويج الملك تشارلز الثالث رسمياً بتاج القديس إدوارد ثم بالتاج الإمبريالي الملكي، وهو تقليد ممتد منذ القرن السابع عشر.

تاج القديس إدوارد التاريخي

صُمم تاج القديس إدوارد، الذي تبلغ قيمته 57 مليون دولار أمريكي تقريباً، بتعديل لسلفه الذي يحمل الاسم نفسه، الملك تشارلز الثاني، وذلك في العام 1661، على غرار التاج الأصلي الذي يعود إلى العصور الوسطى، ويتميز بأربعة صلبان “باتييه”، وأربعة زهور “دي ليز”، وقوسين، وهو مثبت على غطاء مخملي أرجواني داكن اللون. ويُرصع التاج بعدد من الأحجار الكريمة الثمينة مثل الياقوت، والجمشت، والياقوت الأزرق  والعقيق، والتوباز، والتورمالين.

التاج الإمبريالي البريطاني - Wikimedia Commons

كيف سيتم تناقل التاج وإدراجه في المراسم

وعقب المراسم، سيخلع الملك تشارلز الثالث تاج ولي العهد الإمبراطوري قبل الخروج من وستمنستر أبي، ويرتدي تاج الملكية الإمبريالية.

وقد صُنع تاج إمبريال ستيت، الذي تتراوح قيمته بين 3 و5 مليار دولار تقريباً، الذي صُنع لأول مرة لتتويج الملك جورج السادس في عام 1937، وقد شوهد آخر مرة فوق نعش الملكة إليزابيث الثانية خلال مراسم جنازتها، وهو يضم تحديداً 2868 ماسة و17 ياقوتة و11 زمردة و269 لؤلؤة، بما في ذلك ياقوتة سانت إدوارد، وياقوتة ستيوارت، وزمردة الأمير السوداء، وهي أحجار نادرة وفريدة من نوعها.

ومع ذلك، فإن أحد الأحجار المركزية الأخرى في التاج هو ماسة كولينان 2 المثيرة للجدل، والمعروفة أيضاً باسم النجمة الثانية لإفريقيا.

فقد تم استخراج هذه الماسة العملاقة التي يبلغ وزنها 3.106 قيراط من جنوب إفريقيا عام 1905 عندما كانت البلاد لا تزال تحت الاستعمار البريطاني؛ إلا أنها في السنوات الأخيرة حظيت بكثير من الجدل والانتقادات، بعد أن تزايدت الدعوات لإعادة أحجار كولينان 2 وزميلاتها اللاتي تم استخراجها في فترة الاستعمار وجرى الاستحواذ عليها من قِبَل السلطات البريطانية، وارتفعت مناشدات إعادة تلك الأحجار الفريدة إلى بلدانها الأصلية والاعتذار عن التاريخ الاستعماري وجرائمه.

تاج تتويج الملكة كاميلا

في الناحية الأخرى، سيتم تتويج كاميلا بتاج الملكة ماري، الذي تم صنعه لتتويج ملكة بريطانيا ماري عام 1911، والتي كانت الملكة القرينة للملك جورج الخامس.

وتُعد تلك هي المرة الأولى في التاريخ الحديث التي يتم فيها تتويج قرينة الملك بتاج ملكي أو غطاء رأس مُستعار وتم استخدامه سابقاً بدلاً من امتلاكه بشكل حصري بعد صنع واحد جديد خصيصاً.

ومع ذلك، فإن التاج ليس له نزاع خاص به. فقبل التتويج، سيتم إعادة تصميم وتعديل التاج لإزالة الماسة المثيرة للجدل كوهينور، والتي يُنظر لها باعتبارها رمزاً للحكم الاستعماري البريطاني العنيف على الهند.

ومع ذلك، سيتم استبدال ماسة كوهينور (Koh-i-Noor) بألماس (Cullinan III) و (IV) و(V). حيث يُقصد بهذا التبديل أنه رمز للاحترام والتكريم تجاه الملكة الراحلة إليزابيث الثانية؛ إذ تأتي هذه الأحجار من مجموعتها الشخصية عوضاً عن الماس المجلوب من جنوب إفريقيا، والذي يُنظر إليه على أنه من آثار الإمبريالية البريطانية المثيرة للجدل.

الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا - ShutterStock
الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا – ShutterStock

موعد التتويج يأتي لتكريم الملكة الراحلة إليزابيث الثانية

جدير بالذكر أن الحفل سيقام صباح يوم 6 مايو/أيار عام 2023، بعد أكثر من 8 أشهر على وفاة الملكة إليزابيث الثانية. ويأتي التاريخ قبل فترة وجيزة من الذكرى السبعين لتتويج الملكة الراحلة.

وبينما اعتلت الراحلة إليزابيث العرش في 6 فبراير/شباط عام 1952، إلا أنها لم تتوج حتى 2 يونيو/حزيران عام 1953، بعد فترة حداد وطني على والدها الملك جورج السادس، وهو تقليد اختار الملك تشارلز اتباعه أيضاً تكريماً لوالدته.