شهدت العاصمة السودانية ضربات جوية وانفجارات اليوم الأربعاء بعد انهيار اتفاق برعاية أمريكية لوقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهو ما دفع السكان للبقاء في منازلهم واليابان للإعداد لإجلاء مواطنيها.

وسُمع دوي قصف مستمر وانفجارات عالية في وسط الخرطوم بالمنطقة المحيطة بمقر وزارة الدفاع والمطار، الذي جرت معارك ضارية بين الجانبين للسيطرة عليه وخرج من الخدمة منذ اندلاع القتال في مطلع الأسبوع.

وتصاعد دخان كثيف إلى السماء.

وسعت قوى خارجية من بينها الولايات المتحدة للتوسط في وقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع للسماح للسكان العالقين بسبب القتال لتدبير احتياجاتهم.

وأشار الجانبان إلى اتفاقهما على وقف إطلاق النار اعتبارا من السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت جرينتش) أمس الثلاثاء لكن إطلاق النار لم يتوقف وأصدر كل منهما بيانا يتهم فيه الآخر بخرق الهدنة.

وقالت القيادة العليا للجيش إنها مستمرة في عمليات تأمين العاصمة والمناطق الأخرى.

وقالت واحدة من السكان على الأطراف الشرقية للخرطوم إنه بعد ضربات جوية وقصف بالمدفعية قرب منزلها أمس، استؤنف القتال الكثيف في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء قبل أن يهدأ مجددا.

وقالت “لم نستطع النوم. فترة الهدوء الوحيدة كانت بين الثالثة والخامسة صباحا”.

وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني إن السلطات تعتزم استخدام طائرة تابعة لقوات الدفاع الذاتي لإجلاء نحو 60 مواطنا يابانيا موجودين حاليا في السودان، وذلك بالتنسيق مع دول كبرى أخرى.

 

*انقطاع الكهرباء وأعمال نهب

منذ صباح السبت الماضي يجري قتال كثيف لأول مرة منذ عقود في أنحاء العاصمة السودانية التي تضم الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري على الجانب الآخر من النيل الأبيض والنيل الأزرق.

وقوض القتال أحدث خطة مدعومة دوليا للانتقال إلى حكم ديمقراطي يقوده المدنيون بعد مرور أربعة أعوام على الإطاحة بعمر البشير وعامين على انقلاب عسكري.

ولقي 185 شخصا حتفهم في أحداث العنف التي تهدد باجتذاب قوى من دول مجاورة للسودان تدعم كل منها أحد طرفي الصراع وربما تزيد من شدة التنافس على النفود بالمنطقة بين روسيا والولايات المتحدة.

وسبَّب انقطاع الكهرباء والمياه المتكرر نتيجة القتال معاناة للسكان في الأيام الأخيرة من شهر رمضان وأدى لتوقف العمل بمعظم المستشفيات.

وطلبت شركة توزيع الكهرباء من سكان الخرطوم ترشيد استهلاك الكهرباء وقالت إن الخوادم المسؤولة عمليات شراء الكهرباء عبر الإنترنت تعطلت.

وأضافت الشركة في بيان أن المنطقة التي توجد بها الخوادم شديدة الخطورة على المهندسين.

وأغلقت الشركات والمدارس أبوابها في العاصمة منذ بدء القتال، ووردت أنباء على نطاق واسع عن أعمال نهب واعتداء وتكونت طوابير طويلة أمام المخابز التي لا تزال تعمل.

وقال أحد السكان في مدينة بحري قال إن اسمه محمد “معظم السلع غير متوفرة. الناس يبحثون عن احتياجات لكنهم لا يجدونها”.

 

* تداعيات إنسانية

تقول وكالات تابعة للأمم المتحدة إنه جرى تعليق الكثير من برامجها في الدولة مترامية الأطراف التي تعاني بالفعل من وضع إنساني غير مستقر.

وكان كثير من السكان يخطط للانتقال جنوبا إلى مناطق ريفية في ولاية الخرطوم أو ولاية الجزيرة في حالة استمرار وقف إطلاق النار.

وكان أحمد عمر، وهو منسق لخدمات الاتصالات في المجلس النرويجي للاجئين يعمل في القضارف بشرق السودان، يأمل في الوصول إلى الخرطوم لزيارة والديه في نهاية شهر رمضان، لكن الاشتباكات حالت دون ذلك.

وقال “كنا جميعا نأمل في سلام وشيك وتشكيل حكومة … لقد حطموا كل أحلام الشباب السوداني والثورة السودانية”.

واندلع القتال بعد تصاعد التوترات بين طرفي الصراع وهما قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو بسبب خطة لدمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي.

ويرأس البرهان مجلس السيادة الحاكم الذي تشكل بعد انقلاب عام 2021 والإطاحة بالبشير في 2019. ويشغل دقلو المشهور باسم حميدتي منصب نائب رئيس المجلس.

وأدى خلاف حول الجدول الزمني لتلك العملية إلى تأجيل توقيع الاتفاق الإطاري للانتقال إلى حكم مدني كان من المقرر توقيعه في وقت سابق من الشهر الجاري.