يعد السودان، الذي تحده جمهورية إفريقيا الوسطى من جهة ودولة جنوب السودان من جهة، وتشاد ومصر وإريتريا وإثيوبيا وليبيا من جهات أخرى، واحداً من أكبر الدول في قارة إفريقيا.

فهو المقر الأصلي لواحدة من أقدم الممالك القديمة المأهولة بالبشر التي شهدها العالم منذ نحو 30 ألف سنة قبل الميلاد.

وعلى الرغم من حظ البلد السيئ في الاستقرار والتنعم بالسلام لفترة طويلة من الزمن، فإنه قدم للعالم تاريخاً ممتداً لآلاف السنين، ويضم تنوعاً بحرياً وثقافياً فريداً بمواقع لا تعد ولا تحصى لأهراماته التاريخية، ومواقعه الأثرية التي لا تقدر بثمن، فاق حجم الآثار التي تضمها مصر.

في هذا التقرير نستعرض أبرز المعلومات التي لم تكن تعرفها من قبل عن دولة السودان وتاريخها العريق.

 

عندما يتعلق الأمر بالأهرامات القديمة، فإن مصر لها كل الفضل في تعريف العالم بالحضارة الفرعونية القديمة والإرث الثقافي العريق الذي خلفته وراءها.

لكن السودان في الواقع موطن لأكثر من 200 هرم، وهو أكثر مما تضمه مصر. وكانت تلك الأهرامات نتاجاً للحضارة النوبية القديمة منذ العام 2500 قبل الميلاد.

من المحتمل أن تكون المواقع الأثرية المدرجة في قائمة اليونيسكو لجزيرة مروي أشهر موقع في البلاد. فهذا الموقع موطن لـ100 هرم يعود تاريخها إلى الفترة بين القرن الثامن قبل الميلاد والقرن الرابع الميلادي.

رغم أن الأهرامات السودانية أصغر قليلاً من أبناء عمومتها المصرية، فإنها مزخرفة بالقدر نفسه، وتضم عناصر أثرية من مصر الفرعونية واليونان وروما.

ويُعد جبل البركل المدرج في قائمة اليونيسكو ومواقع منطقة نبتة، مواقع شهيرة أخرى للأهرامات. ويضم الموقع 5 مناطق أثرية مختلفة، ويتميز بالمقابر والأهرامات والمعابد وتلال الدفن والقصور التي يعود تاريخها إلى 900 قبل الميلاد.

 

كان السودان وحده يمثل فيما مضى، أكثر من 8% من القارة الإفريقية بأكملها. وهذا يمثل 2% من إجمالي مساحة الأرض في العالم أجمع.

خلال هذا الوقت، كانت أكبر دولة في إفريقيا وعاشر أكبر دولة في العالم. ولكن عندما انفصل جنوب السودان عن السودان عام 2011، أصبح السودان ثالث أكبر دولة في إفريقيا ويحتل المرتبة الخامسة عشرة على مستوى العالم.

 

كانت مملكة كوش مملكة إفريقية قديمة تقع فيما يُعرف الآن بجمهورية السودان. سيطرت ثلاث ممالك كوشية على المنطقة لأكثر من 3000 عام.

وفي السنوات من 300 قبل الميلاد إلى 300 بعد الميلاد، كان مقر حُكم مملكة كوش يتم من عاصمتها القديمة مروي، حتى تفككت وضعفت بسبب التمردات الداخلية، واستولت عليها مملكة أكسوم الحبشية.

وفي الفترة الأولى لمملكة كوش، كانت في كرمة بين العامين 2450 و1450 قبل الميلاد، ثم تلتها العاصمة في نبتة بين العامين 1550 و1070 قبل الميلاد، ثم في مروي.

في أولى مراحلها، تركزت المملكة في نبتة، ثم بعد غزو الملك كاشتا لمصر، حكم الملوك الكوشيون كفراعنة الأسرة الخامسة والعشرين لمصر.

كانت عاصمة الإمبراطورية آنذاك في مروي، التي أصبحت الآن موقعاً مشهوراً للتراث العالمي لليونيسكو، وأصبحت المنطقة بأكملها مركزاً تجارياً رئيسياً للذهب والعاج وخشب الأبنوس وجلود الحيوانات من إفريقيا والصحراء العربية والبحر الأبيض المتوسط.

وكذلك تمت التجارة في الحيوانات الإفريقية، فتم تصدير القرود والفيلة والزراف إلى حدائق الحيوان الخاصة عبر آسيا والبحر الأبيض المتوسط.

ويرتبط اسم “كوش” بالعهد التوراتي القديم. ووفقاً للنص في، كان ابنه نمرود مؤسس وملك بابل المذكور في القرآن أيضاً.

 

استمرت الحرب الأهلية الثانية في السودان 22 عاماً كاملة، إذ بدأت في عام 1983 واستمرت حتى عام 2005، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1.5 مليون شخص وتشريد أكثر من 4 ملايين، في واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية التي شهدها العالم.

كانت تلك الحرب إلى حد كبير استمراراً للحرب الأهلية السودانية الأولى (1955-1972)، التي اندلعت في جنوب السودان. ثم امتدت إلى جبال النوبة والنيل الأزرق. وفيها تقاتلت قوات الحكومة السودانية المركزية والجيش الشعبي لتحرير السودان.

 

عند الحديث عن المواقع المغمورة بالمياه، فإن السودان يُعد ملاذاً للحياة البحرية الفريدة. إذ تمتلئ حديقة ومارينا سنجانيب الوطنية المدرجة في قائمة اليونيسكو وخليج ومحمية دنقناب بالثدييات البحرية والأسماك وأسماك القرش والسلاحف وأسماك شيطان البحر وأبقار البحر. فهو يقع على بعد 25 كم قبالة سواحل السودان ومُحاط بغطاء واقٍ من الشعاب المرجانية.

ويُعد نظام الشعاب المرجانية المعقد غنياً بغابات القرم وأحواض الأعشاب البحرية والشواطئ والجزر الصغيرة.

أما على اليابسة، فتعد حديقة الدندر الوطنية واحدة من أقدم المتنزهات الوطنية في إفريقيا. إذ تمتد على مساحة أكثر من 10 آلاف كيلومتر مربع من الحدائق المحمية.

وهي محمية غنية بالمحيط الحيوي من النباتات والحيوانات المتنوعة وضمن ذلك الطيور المهاجرة، والجاموس، وطيور الأدغال، والديكة، والغزلان، والزرافات، والأسود، والفهود، والظباء وغيرها.

 

يأتي اسم “السودان” من الكلمة العربية “بلاد السودان” بمعنى “أرض الرجال السود” أو “أرض السود”.

وعلى الرغم من أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في السودان، فإن هناك أكثر من 114 لغة أصلية في السودان. ومن المثير للاهتمام أنه من بين هذه اللغات المتعددة، يوجد أكثر من 500 لهجة مميزة. وقد أدى ذلك إلى ولادة العديد من المجموعات الثقافية والعرقيات.