قبل نحو 140 عاماً حدثت قصة حقيقية لرجل إنجليزي يدعى جون لي، وهو الرجل الذي حاولت السلطات الإنجليزية إعدامه 3 مرات لكنّه لم يمُت، وعند فشل كلّ محاولة كان يقول: يعلم الله أني بريء، ومنذ ذلك الوقت أصبح جون لي مشهوراً في جميع أنحاء العالم باسم الرجل الذي لم يتمكنوا من شنقه.
ولد جون هنري جورج لي في قرية أبوتسكرسويل، في ديفون، في 15 أغسطس/آب 1864. كان والداه جون لي سينيور وماري لي فقيرين، ودون مستوى تعليمي، لكن لي كانت لديه أحلام كبيرة بكسب المال بسرعة واستكشاف العالم، فانضم إلى البحرية الملكية في وقتٍ مبكرٍ من عمره، لكنه اضطر إلى الانسحاب في غضون عام، بسبب إصابة خطيرة في ساقه تركته غير لائق لهذا المنصب.
حصل جون على وظيفة خادمٍ عند أحد الأثرياء، لكنه سرعان ما وجد نفسه متهماً بسرقة صاحب العمل، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين مع الأشغال الشاقة، بعد عامين، وفي عام 1884، استقر أخيراً كخادم شخصي لإيما كيز، وهي أرملة ثرية في منطقة خليج Babbacombe. أقام لي علاقات جيدة مع صاحبة عمله، وسرعان ما أصبح خادمها الموثوق.
لغز جريمة جون لي التي لم يرتكبها!
بحسب موقع the crime wire، استيقظت بلدة بابا كومب الهادئة، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1884، على وقع جريمة بشعة، فقد تمّ العثور على الآنسة إيما كيز مقتولة، مع شقٍّ في حنجرتها، وثلاثة جروح في رأسها، كما حاول القاتل حرق جسدها في محاولة فاشلة لإخفاء الجريمة.
وبصفته الرجل الوحيد الذي يقيم في المنزل، أصبح جون لي المشتبه به الأوّل، فقد تمّ العثور على سكين ملطخ بالدماء في درج بجانب سرير لي، كما كانت ذراعه ملطخة بالدماء.
ادّعى لي أنه جرح ذراعه بعد تحطيم نافذة للوصول إلى غرفة نوم إيما كيز، حيث وجد حريقاً مشتعلاً، لكن لم يصدقه أحد.
مع أنه لم يكن هناك شهود، ولم يكن لدى لي أي دافع لقتل كيز، فقد كانت جميع الأدلة التي تم العثور عليها ظرفية بحتة، لكن هذا كان القرن الـ19، حين كان الطب الشرعي لا يزال يتطور، ولم تكن هناك طريقة يثبت بها المحققون أن الدم الذي عثر عليه على ملابس جون لا يخص صاحبة العمل، لذلك تم اتهام John Lee بقتل إيما كيز وتقديمه للمحاكمة.
أعدم 3 مرات ولم يمُت!
وفقاً لـBBC، استعانت المحكمة بمحامٍ محلي يُدعى ريجينالد جوين تمبلر، للدفاع عن جون لي. ومع ذلك، قبل يومين من المحاكمة، اعتذر ريجينالد تمبلر، مبرراً سبب ذلك بتدهور صحته، وقام بتسليم القضية إلى شقيقه تشارلز تمبلر، وهو محامٍ غير كفء له تاريخ من الإخفاقات في مرافعاته.
دافع لي عن براءته طوال إجراءات المحكمة، ومع ذلك كانت الأدلة ضده دامغة، وسرعان ما خسر تشارلز تمبلر القضية المرفوعة، وحكم في 23 فبراير/شباط 1885م، على جون لي بالإعدام شنقاً، وعند النطق بالحكم قال جون للقاضي: “لن أُشنق، فالله يعلم أني بريء”.
في يوم تنفيذ حكم الإعدام حاول الجلاد جيمس بيري والمراقب قصارى جهدهما لإجبار آلة الإعدام على العمل، ولكن دون جدوى، فقد فشلت الآلة في شنق جون لي ثلاث مرات، رغم أنها كانت تعمل بشكلٍ عادي عند تجريب دمية عليها قبل كلّ محاولة.
تم إيقاف الإعدام أخيراً، مع تخفيف حكمه بشكلٍ غريبٍ إلى السجن مدى الحياة.
مع ذلك، تم إطلاق سراح Lee بعد 22 عاماً، ليهاجر لاحقاً إلى الولايات المتحدة، حيث عاش في غموض نسبي ما تبقى من سنواته، وذلك بحسب smithsonianmag.
لماذا فشل إعدام جون لي؟
اعتقد مسؤولو السجن في البداية أنه كان يوماً ماطراً، وربما تكون الألواح الخشبية الخاصة بآلة الإعدام قد انتفخت بمياه الأمطار، ما تسبب في الفشل، لكن الفحص التفصيلي للألواح الخشبية أظهر أنها جافة كالعظام. تم تنفيذ كل شيء بعناية وبشكل روتيني، ولم يكن هناك سبب لفشل الآلية ولو مرة واحدة، ما جعل قصة جون لي من أغرب القصص الحقيقية على الإطلاق.
اعتقد الكثير من الناس أنّ فشل إعدام جون لي كان تدخلاً إلهياً، فقد كان لي بريئاً، لكن فيما بعد عادت تفسيرات المشكلة إلى أشياء أكثر منطقية من خلال النظر في آليات الفشل.
كشف التحليل التفصيلي للمشنقة أن المكونات الأساسية تحتاج إلى صيانة أكثر صرامة من أجل الأداء السليم، قد تكون مكونات معينة محشورة وفشلت في الفتح تحت وزن السجين، وهكذا أنقذت ضربة حظ وإهمال بشري حياة لي ثلاث مرات.
بعد 50 سنة.. تبرئة جون لي
بعد خمسين عاماً، عندما تم وضع الطب الشرعي موضع التنفيذ لحل القضية، وُجد أن القاتل لم يكن سوى المحامي الأول لجون لي، ريجينالد جوين تمبلر، فقد كانت علاقات ريجينالد متوترة مع إيما كيز، وقتلها في نوبة من الغضب، ثم قام لاحقاً بتثبيت كل الأدلة على لي لإيذائه. كان لي على حق طوال الوقت عندما ادعى براءته.