يدين الصينيون بالفضل لمشروع “قنبلتان وقمر صناعي واحد”، في جعلهم قوة عالمية تمتلك السلاح النووي وتشهد تطوراً تكنولوجياً، وذلك بعد أن كانت تغرق في الحرب الأهلية لسنواتٍ طويلة

فعند تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، كان العالم قد دخل العصر النووي بعد أن لحق الاتحاد السوفييتي بالولايات المتحدة الأمريكية إلى نادي الدول النووية، بينما كانت الصين قد خرجت من توّها من الحرب الأهلية المستعرة منذ سنة 1937. مع ذلك، كان طموح الصينيين للوصول الى التطور التكنولوجي الذي بلغه السوفييت والأمريكان قد بدأ ينمو يوماً بعد يوم، عبر نخبة من علماء الصين الذين توافدوا إلى بلادهم من أجل اختراع القنبلة الذرية الصينية. .

فمع حصوله على مقاليد حكم جمهورية الصين الشعبية، اتجه الزعيم الصيني ماو تسي تونغ إلى تسليح بلاده لمواجهة المخاطر الخارجية. وعلى إثر ذلك، وجّه القائد الصيني نظره نحو القنبلة الذرية معلناً عن بداية مشروع الصين للحاق بركب الدول النووية، أطلق على هذا المشروع اسم “قنبلتان وقمر صناعي واحد”.

قنبلتان وقمر صناعي واحد.. الطموح الصيني لمقارعة الدول العظمى العالمية

عندما كانت الولايات المتحدة الأمريكية السوفييتي يقودان العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بصفتهما القوتين العظميين المنتصرتين في الحرب ، الصين يتقاتلون فيما بينهم ، وذلك بعد أن استعرت الحرب الأهلية الصينية من جديد عقب توقفها في فترة الحرب العالمية الثانية ، هذه المرحلة الثانية من الحرب الأهلية ، تمكن الشيوعي من تحقيق النصر ليعلنوا عن قيام الصين بإطلاق المنتدى العام 1949 

لم يضيّع حكام الصين الشعبية الجدد الوقت، وأعلنوا عن طموحهم في استرجاع الصين مكانتها العالمية كقوة عالمية ومجابهة التهديدات الخارجية خصوصاً الأمريكية منها، فكان التركيز على امتلاك السلاح النووي؛ الطريقة الأكثر فعالية لاستعادة الصين مكانتها وحماية نفسها.

بعد ستّة أعوام على التأسيس، وفي 15 كانون الثاني/يناير 1955، عقد الحزب الشيوعي الصيني اجتماعاً موسعاً، اتّخذ خلاله القرار الاستراتيجي بتأسيس صناعة الطاقة الذرية وتطويرها. حينها، قال ماو تسي تونغ: “لا يجب أن يكون لدينا المزيد من الطائرات والمدفعية فحسب، ولكن أيضاً القنابل الذرية. في عالم اليوم، لا يمكننا الاستغناء عن ذلك إذا كنّا لا نرغب في تخويف الآخرين”.

ومباشرة شرع المسؤولون الصينيون في استدعاء المئات من المختصين بمجال الفيزياء والكيمياء بهدف إعداد برنامج علمي تتزود من خلاله الصين بتكنولوجيا وتقنيات متطورة.

وفقاً لموقع globaltimes، كان لدى الصين العديد من العلماء في الخارج، خصوصاً في أمريكا والاتحاد السوفييتي والذين عملوا في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي في مشاريع نووية للبلدين، وسرعان ما عادوا إلى الصين، ولعلّ أبرزهم Qian Weichang و Qian Xuesen و Deng Jiaxian و Peng Huanwu و Qian Sanqiang.

وأعلن سنة 1956 عن برنامج “قنبلتان وقمر صناعي واحد” الصيني، والذي سعت جمهورية الصين الشعبية للتزود بقنبلة ذرية، إضافة لقنبلة هيدروجينية، وصواريخ باليستية عابرة للقارات وقمر صناعي.

ومع الشروع الفعلي في تجسيد البرنامج بلغ عدد العلماء الصينيين العاملين في المشروع 23 عالماً، عاشوا فترة عملهم في البرنامج النووي والفضائي الصيني بهوياتٍ مختلفة وفي أماكن سرية.

كاد البرنامج يتوقف في أكثر من مرة

مع إعلان الصين الشعبية عن مشروع “قنبلتان وقمر صناعي واحد”، صبّ العلماء الصينيون جهودهم من أجل إنجاح البرنامج الذي سيجعل الصين قوة عالمية، وبالفعل نجحوا في أوّل سنة في بناء المفاعل النووي الصيني.

لكن تلك الجهود، وجدت في طريقها العديد من العقبات، التي عطلت وأخّرت المشروع، فقد تسببت ملاحقة السلطات الأمنية لليمينيين وسياسة القفزة العظيمة للأمام التي أسفرت عن مجاعة أودت بحياة عشرات الملايين في تعثّر المشروع في بدايته.

ثم سرعان ما ضاعفت العلاقات السوفييتية الصينية السيئة أواخر الخمسينيات بسبب سياسة اجتثاث الستالينية التي اعتمدها نيكيتا خروتشوف في توقف مشروع Two Bombs and One Satellite (قنبلتان وقمر صناعي واحد)، وذلك على إثر ذلك، إنهاء موسكو دعمها ومساعدتها لبكين ساحبة بذلك علماءها الذين تواجدوا بالصين وساعدوا بكين طيلة السنوات السابقة في الحصول على التكنولوجيا النووية. وبفضل هذه المساعدة السوفييتية، تمكنت الصين بفترة سابقة من صناعة أول مفاعلاتها النووية.

رغم ذلك عاد البرنامج سنة 1960 إلى العمل، ونجحت الصين في 5 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1960، في إطلاق أول صاروخ باليستي قصير المدى، وهو الصاروخ الذي أطلق عليه تسمية “دونغ فانغ-1”.

مع ذلك، كان هناك المزيد من العقبات التي وقفت في طريق مشروع “قنبلتان وقمر صناعي واحد” في مطلع الستينات، وذلك بسبب الخلاف الذي نشب بين السياسيين الصينيين حول مدى حاجة البلاد لهذا البرنامج.

وبحلول العام 1962، استهل العلماء العمل على مشروع “قنبلتان وقمر صناعي واحد” بدفعة جديدة على أمل النجاح في تزويد البلاد بسلاح نووي وقمر صناعي.

قنبلتان وقمر صناعي واحد

 قنبلتان وقمر صناعي.. المشروع الذي جعل الصين قوة عالمية

حسب موقع engelsberg ideas، وبعد أن تجاوز الصينيون العقبات التي كاد توقف حلمهم العسكري والتكنولوجي، بدأت الصين في جني ثمار برنامج “قنبلتان وقمر صناعي واحد”، فقد كان الإنجاز العلمي الأوّل لهذا البرنامج هو الاختبار الصيني الناجح لقنبلة ذرية في 16 أكتوبر/تشرين الأوّل 1964، وهو الإجراء الذي سمح للصين بالدخول رسمياً إلى النادي النووي.

نجحت الصين في تفجير أوّل قنبلة هيدروجينية ، في 17 يونيو/حزيران 1967 /ويكيبيديا

وكان الإنجاز الثاني هو اختبار قنبلة هيدروجينية في وقت قياسي، في 17 يونيو/حزيران 1967. وكان الإنجاز الثالث يتعلق بإطلاق قمر صناعي أطلق عليه اسم Dong Fang Hong 1 وذلك في 24 أبريل/نيسان 1970، وبذلك حققت الصين جميع أهداف برنامج “قنبلتان وقمر صناعي واحد”؛ لتكون بذلك ثالث قوة نووية في العالم، وخامس قوة عالمية تغزو الفضاء.