كشف موقع ميدل إيست آي (MIDDEL EAST EYE) البريطاني –في تحقيق نشره مؤخرا- أن وكالات السفر في البصرة تقوم بإصدار شهادات بالخلو من كورونا، للسماح بالسفر إلى الخارج.

 

وأوضح الموقع أن الحصول على هذه الشهادات في البصرة يتم من المستشفيات الحكومية، بتكلفة تبلغ 50 ألف دينار عراقي أو ما يعادل 35 دولارا.

 

وتحدث الموقع إلى العديد من المسافرين الذين قالوا إنهم لم يخضعوا للاختبار في المستشفى، لأنه يقع بعيدا عن منازلهم، أو أنهم لا يريدون المخاطرة بتعطيل سفرهم إذا ثبتت إصابتهم.

 

وللتغلب على هذه العقبة يدفع المسافر لوكالات السفر ما بين 70 إلى 100 دولار، مقابل “مستند مزيف” يسجل نتيجة اختبار سلبية، تقول الشركات إنها صادرة  لهم عن المستشفى.

 

ومن بين من تحدث إليهم الموقع محمد أحمد (26 عاما) الذي قال إنه لا يريد المخاطرة بخسارة ثمن تذكرة الطائرة: “فإذا حجزت تذكرة ثم ظهرت نتيجة الاختبار إيجابية، فلن يقوموا برد المبلغ المدفوع”.

 

وأضاف أنه عندما سافر في البداية كان يعتقد أن إجراءات السفر في المطار مشددة، لكن بعد السفر أكثر من مرة وجد أن السلطات العراقية لم تهتم بشهادة الفحص، حتى أنه سافر مرتين باستخدام الشهادة نفسها.

 

وأقرّ بأن ما فعله كان خطأ، مبررا ذلك بأنه عندما اكتشف أن إجراءات الدولة روتينية، وأن السلطات الصحية لا تهتم باختبار المسافرين، اختار الحصول على الشهادة من وكالات السفر للسهولة وتوفير الوقت والجهد.

 

وفي مستشفى الزبير العام الحكومي، قال أحد الموظفين إنه لا يتم إصدار أي مستند لأي شخص ما لم يأت المراجع بنفسه ويخضع للاختبار.

 

وأضاف الموظف -الذي تحدث للموقع شريطة عدم الكشف عن هويته- أن ادعاءات وكالات السفر بأن مستندات الفحص التي تصدرها حقيقية وأصلية، غير صحيحة، موضحا أن مستشفى الزبير هو الجهة الوحيدة المخولة بإجراء فحص كورونا في البصرة وإصدار شهادة بشأنه.

 

لكن العديد من وكالات السفر التي زارها الموقع أصرّت على أنها تستطيع الحصول على وثائق الاختبار السلبية من مستشفى الزبير عن بُعد. وقالت الوكالات إنها ترسل ببساطة نسخة من جواز سفر الراكب إلى شخص يعمل في مركز الفحص بالمستشفى، ويتم إرسال المستند المطلوب في غضون ساعات قليلة.

 

ويقول مراسل الموقع إنه عندما دخل إلى إحدى وكالات السفر في البصرة -وستبقى هويتها مجهولة لأسباب أمنية- وطلب نتيجة اختبار مزيفة، رجعت موظفة الاستقبال إلى رئيسها.

 

ثم اتصل المدير بالمراسل قائلا “احفظ رقمي على واتساب، وأرسل صور جوازات السفر للراغبين بالسفر، ثم سأصدر لك شهادات بالخلو من كورونا”.

 

وأوضح التقرير أن وكالات السفر ليست كلها متورطة في الأمر، بل يصر بعضها على أن عملاءها يجب اختبارهم بالفعل، ويمكنهم تقديم الوثائق الأصلية.

 

ويقول أمير غازي مدير شركة أنور السندباد للسياحة في منطقة العباسية وسط البصرة، “فاقدوا الضمير الذين يمتلكون وكالات سفر ليست لديهم قيم ومبادئ وأخلاق وتتعارض أعمالهم مع الشريعة. إنهم يلعبون دورا سيئا في الصحة العامة من بعض النواحي، فهم يساعدون في انتشار الفيروس بين الركاب على متن الطائرات، من خلال إصدار وثائق فحص بشكل غير قانوني”.

 

وألقى غازي باللوم على السلطات في عدم معالجة مسألة الاختبارات المزيفة، وإخراجها مركز الاختبار بعيدا من المدينة، مضيفا أن أحد الأسباب التي تجعل الناس لا يذهبون لإجراء اختبار حقيقي هو أنهم يخشون ثبوت الإصابة، فضلا عن نقص الوعي بضرورة إجراء الاختبار.

 

وتعليقا على الموضوع، قال القائم بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق الدكتور وائل حتاحت، إنه لم يكن على علم بمثل هذه الممارسة، على الرغم من علمه بأن الاختبارات المزيفة كانت موجودة في بلدان أخرى، مضيفا “أنا متأكد من أن وزارة الصحة العراقية تبذل قصارى جهدها للحد من مثل هذا السلوك. ومع ذلك، أود من وسائل الإعلام أن تدعم هذه الجهود من خلال نشر المزيد من الوعي”.

 

وقال: “من المهم للذين يدفعون مقابل الحصول على شهادات مزورة بالخلو من كورونا، أن يعلموا أنهم يعرّضون حياتهم وحياة أحبائهم للخطر”.

 

مراكز الاختبار

واقترح مدير مطار البصرة سمير يونس لتجنب الاحتيال في شهادات كورونا، إنشاء مركز اختبار في المطار، مشيرا إلى أن إدارة المطار عرضت على مديرية صحة البصرة قبل شهور ذلك، مؤكدة قدرتها على إجراء الاختبار للركاب داخل المطار مجانا أو بمبلغ بسيط، لمساعدة الناس على إجرائه بشكل أسهل، لكن هيئة الصحة في البصرة لم تستجب للعرض.

 

وشدد رئيس مديرية صحة البصرة الدكتور عباس خلف التميمي، على عدم إمكانية متابعة مثل هذه الخطة، قائلا إنه ليس من العملي إبقاء الركاب منتظرين داخل المطار حتى ظهور النتائج، كما أن جميع اختبارات التدفق السريع التي تعطي نتائج في غضون دقائق قليلة غير مقبولة.