نشرت وكالة أسوشيتد برس، تقريراً عن معركة الستة أشهر، في مدينة باخموت الأوكرانية، حيث قالت إنها كانت أطول معركة دموية في الحرب حتى الآن.
ولفتت الوكالة، إلى أن باخموت، التي لم تكن معروفة خارج أوكرانيا قبل الحرب الروسية، أصبحت رمزًا لثبات البلاد ومثابرتها في مواجهة هجوم الكرملين.
من جانبها، تعهدت القيادة الأوكرانية مرة أخرى هذا الأسبوع، بمواصلة الدفاع عن المدينة، لكن بعض المراقبين حذروا من أن التمسك بها قد يكون خطيراً ومُكلفاً للغاية.
كانت باخموت، التي كان عدد سكانها قبل الحرب أكثر من 70.000، مركزاً مهماً لتعدين الملح والجبس.
كذلك طرقها الواسعة المحاطة بالأشجار، والمتنزهات المورقة، حيث يضم وسط المدينة المباني الفخمة، التي تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، ما جعلها منطقة جذب سياحي شهيرة.
وفي إطار الحرب الدائرة، حاولت القوات الروسية استعادة باخموت في أوائل أغسطس، ولكن تم صدّها.
في الأشهر التالية، تراجعت حدة القتال، حيث واجه الجيش الروسي هجمات مضادة أوكرانية في الشرق والجنوب، لكنه استأنف بوتيرة كبيرة أواخر العام الماضي.
وفي يناير، استولى الروس على بلدة سوليدار، والمعروفة بتعدين الملح، وتقع على بُعد عدة كيلومترات شمال باخموت، وتقدموا إلى ضواحي المدينة.
القصف الروسي العنيف والمتواصل، حوّل باخموت إلى أرض قاحلة، مع عدد قليل من المباني التي لا تزال قائمة، حيث خاض الجنود الروس والأوكرانيون معارك شرسة، من منزل إلى منزل داخل الأنقاض.
قادت مجموعة فاغنر الروسية المرتزقة، الهجوم، وبحلول نهاية فبراير، اقترب الروس من الطريق السريع الوحيد المؤدي إلى خارج المدينة، واستهدفوه بالمدفعية، ما أجبر الجنود الأوكرانيين على الاعتماد بشكل متزايد على الطرق الريفية، التي يصعب استخدامها بسبب الثلوج والأمطار.
مع إحكام الحصار الروسي على المدينة، حذر مساعدٌ رئاسي، الأسبوع الماضي، من أن الجيش يمكنه “التراجع بشكل استراتيجي” إذا لزم الأمر، ولكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وكبار جنرالاته، قرروا يوم الاثنين، أنهم سيستمرون في الدفاع عن باخموت، وتعزيز قواتهم هناك.
أما بالنسبة لموسكو، فإن الاستيلاء على باخموت، أمر ضروري لتحقيق الهدف المعلن، والمتمثل في السيطرة الكاملة على دونيتسك، وهي واحدة من المناطق الأوكرانية الأربع، التي ضمتها روسيا بشكل غير قانوني في سبتمبر.
من جانبه، قال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، يوم الثلاثاء، إن الاستيلاء على باخموت، سيسمح لروسيا بتركيز هجومها في عمق المنطقة.
أما يفغيني بريغوزين، المليونير المارق، الذي يمتلك مجموعة فاغنر المرتزقة، فقد لفت إلى أن قواته كانت تدمر أفضل الوحدات الأوكرانية في باخموت، لمنعها من شن هجمات في مكان آخر، بينما انتقد بريغوزين، وزارة الدفاع الروسية بشدة، لفشلها في تزويد فاغنر بالذخيرة.
من جهتهم، يشير الخبراء العسكريون إلى أن أوكرانيا حوّلت باخموت إلى مفرمة لحوم، للقوات الروسية الأكثر قوة.
وقال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة البريطانية، اللورد ريتشارد دانات: “لقد حققت هدفها على أنها السندان الذي تم كسر العديد من الأرواح الروسية عليه”.
وفي حين أشار المسؤولون الأوكرانيون والغربيون، إلى أن الخسائر القتالية الروسية كانت أعلى بكثير من الأوكرانية، جادل بعض المراقبين، بأن الدفاع عن باخموت كان يشتت انتباه الموارد الأوكرانية، التي يمكن استخدامها في هجوم مضاد مُخطط له في وقت لاحق من الربيع.
وقد لاحظ مايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية في CAN، وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، أن المدافعين الأوكرانيين “حققوا الكثير، وأنفقوا القوى العاملة والذخيرة الروسية”، لكنه أضاف أنه قد يكون من الحكمة أن توفر أوكرانيا قواتها لعمليات هجومية مستقبلية.
ويؤكد المسؤولون الأوكرانيون والغربيون، على أن التراجع الأوكراني عن باخموت لن يكون له أهمية استراتيجية، ولن يغير مسار الصراع.
من جانبه، عزز الجيش الأوكراني خطوط الدفاع غرب باخموت، لمنع التقدم الروسي إذا تراجعت القوات الأوكرانية أخيرًا عن المدينة.
وفي حين يحاول الجيش الروسي مواصلة هجومه في دونيتسك، فإنه يحتاج إلى الاحتفاظ بوحدات كبيرة في أقسام أخرى من دونباس، وفي منطقة زابوريجيا الجنوبية، حيث من المتوقع أن تشن القوات الأوكرانية هجومها المضاد التالي، على نطاق واسع.