لم تقدم الأسرة الملكية البريطانية حتى الآن أي رد على حوار الأميرة ميغان -زوجة الأمير هاري- الذي هز المملكة المتحدة وتحدثت فيه عن العنصرية داخل هذه الأسرة، ولكن الردود غير المباشرة انطلقت قبل الحوار.
فما أشبه اليوم بالبارحة، وما أكثر نقاط التشابه بين ذلك الحوار الشهير الذي أجرته الأميرة الراحلة ديانا مع شبكة “بي بي سي” (BCC)، وكشفت فيه عن تعرضها للخيانة من طرف زوجها، وعن أجواء الحياة داخل القصر الملكي البريطاني، وبين الحوار مع الأميرة ميغان زوجة الأمير هاري ابن ديانا الأصغر، وفيه أيضا كشفت الكثير من المعطيات التي ربما ستغير من وجه الملكية في بريطانيا، ولن تمر مرور الكرام.
لأيام وربما لأسابيع ظلت المواجهة مستحكمة بين الأسرة الملكية في بريطانيا، وبين الأمير هاري وزوجته اللذين اختارا مغادرة البلاد والتخلي عن المنصب الأميري والاستقرار في الولايات المتحدة، وكان الإعلام هو ساحة المعركة الملكية، من خلال تسريب وتسريب مضاد، وهجوم على الأميرة، ومحاولة تشويه الحوار الذي أجرته رفقة المذيعة الأميركية الشهيرة “أوبرا وينفري”.
ولا يمكن اختزال ما حدث ويحدث بين هاري وزوجته من جهة وبين المؤسسة الملكية، في توصيفه بخلاف عائلي حول أسلوب الحياة، أو رغبة في التحرر أكثر من البروتوكول الصارم داخل الأسرة الملكية الأشهر في العالم، بل يتداخل فيه ما هو نفسي بما هو سياسي بما هو ثقافي.
ومنذ البداية كان واضحا أن الأمير هاري يحمل هاجسا نفسيا وهو تكرار ما حدث مع أمه، عندما كانت الصحافة ومصورو المشاهير يتعقبون كل حركاتها إلى أن فارقت الحياة، وكرر هاري هذه العبارة في حواره الأخير، “لم أكن أريد أن تتكرر القصة نفسها”.
وكان هناك أيضا ثقل التاريخ، الحاضر وبقوة، فالأميرة ميغان هي أول أميرة ملونة تدخل القصر، وأصولها أميركية، ومطلقة، وهذه كلها صفات “غير محببة” أو لنقل ليست المعايير المفروض توفرها في أميرة بريطانية.
في المقابل، تتعامل المؤسسة الملكية بكثير من الحساسية، مع هذا الملف، وتخشى أن علامتها التجارية ستخدش بسبب حوار الأميرة، فهذه المؤسسة تعتبر من أقطاب القوة الناعمة للمملكة المتحدة، وعلى سبيل المثال، فخلال زفاف الأمير ويليام والأميرة كيت، شاهد هذا الحدث أكثر من ملياري شخص عبر العالم، وبفضله ارتفعت القيمة التجارية لعلامة المملكة المتحدة بمليار دولار.
لعل أبرز ما أحدث صدمة لدى الرأي العام البريطاني والعالمي، المتتبع لأخبار الأسرة الملكية البريطانية، هو حديث الأميرة ميغان عن العنصرية داخل هذه الأسرة، مؤكدة أن بعض أفرادها ناقشوا مع الأمير هاري، “احتمال أن طفله سوف يكون أسمر أو أسود كعائلة والدته”.
وهذا اتهام صريح للمؤسسة الملكية بالعنصرية، تصرح به أميرة سابقة سمراء أمام أشهر مذيعة سمراء في العالم، ما يعني أن وقعه سيكون أكبر وأشد وربما كان الهدف هو هذا.
وتصف الأميرة ميغان ما حدث لها خلف الأبواب المغلقة للقصور بأنه جحيم كاد يدفعها للانتحار وإنهاء حياتها، ورغم مناشدتها المتكررة طلبا للمساعدة الطبية فلم يلتفت لها أحد. وكان طيف الأميرة ديانا حاضرا أيضا، عندما تحدثت ميغان عن صديق للأميرة ديانا، يعرف خبايا القصر، وهو من كان يقدم يد العون للأميرة.