تقول أسماء خليل، التي قُتل شقيقها الضابط بالجيش العراقي في انفجار عبوة ناسفة من بقايا الحرب: “كلما أزلت المزيد من العبوات خف الألم داخلي”.
وتوضح أسماء أن العمل مع المؤسسة السويسرية لمكافحة الألغام في تطهير حقول الألغام التي تتسبب في سقوط قتلى بالعراق سنويا يساعدها في تحمل الألم ويخفف عنها الحزن بعد وفاة شقيقها.
وقالت: “أخويا استشهد بالعبوة الناسفة.. ضابط بالجيش العراقي وهذا الشغل يعتبر تحدي إلي… شي بداخلي كبت إني هسه (الآن) أطلعه ما يظل محصور بقلبي مقهورة أذكر أخويا بس ألم ألم (أتذكره وأتألم). بالعكس من أدخل بالحقل (كلما أزلت المزيد من العبوات كلما) يرفع جزء من الألم بداخلي”.
وفي العام الماضي، سقط حوالي 52 قتيلا بسبب مخلفات الحرب، بحسب بيان أصدرته وزارة البيئة العراقية الشهر الماضي.
وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن 519 طفلا في العراق قتلوا أو أصيبوا أو تشوهت أجسادهم على مدى السنوات الخمس الماضية.
ومنذ 2019، تعمل أسماء خليل مع المؤسسة السويسرية لمكافحة الألغام في شمال العراق، حيث لا تقتصر أضرار حقول الألغام التي زرعها تنظيم الدولة الإسلامية على الحوادث المميتة، بل تمنع كذلك المزارعين من زراعة أراضيهم.
وقال مزارع في المنطقة يدعى شمال رشيد: “كان إكو عبوات بهذه المنطقه ما حد ما كان يزرع وجاءت المنظمة ورفعوه”.
وأضاف: “الحمد الله حاليا بالوقت الحالي ماكو لا (لا توجد أي) عبوة ولا شي. الحمد لله رجعنا وزرعنا. يعني قبل سنة ما كنا نقدر نزرع وهذه السنة ما بقى عبوات وبدأنا نزرع ونجي لزرعنا ونروح وطريقنا أمان”.
وقال بيتر سميثرز مدير مكتب المنظمة في العراق إن التقديرات المستندة إلى دراسات مسحية في 2018 قدرت عدد العبوات الناسفة البدائية التي زرعها تنظيم الدولة الإسلامية في شمال البلاد بنحو نصف مليون.
وأضاف أن جميع الجهات الفاعلة المشاركة في أعمال إزالة الألغام كانت تتمكن من إزالة ما بين 50 ألفا و60 ألف عبوة ناسفة بدائية الصنع سنويا منذ عام 2018، معظمها ألغام أرضية.
وتقود أسماء خليل الآن فريقا يتألف من خمس نساء يقمن بحذر شديد بإزالة المتفجرات من قطعة أرض واحدة في كل مرة.
لكنها تقول إن عمل المرأة في مجال مكافحة الألغام ما زال صعبا في العراق.
وتوضح: “أول مرة كنت أتخوف عمل ألغام وعبوات هذا الشي.. بس الاسم مالته يخوف (الاسم وحده أو في حد ذاته يثير الخوف)، ولكن من دخلت دورة، وبالتدريج وأول شهر اشتغلت وثاني شهر صارت عندي خبرة وصارت عندي معرفة بالعمل مالتي (بهذا العمل).. صارت الشغلة أسهل”.
لكنها تضيف: “توجد صعوبات ثانية تواجهني لحد الآن، هي صعوبة مجتمعنا ما يتقبل إنه فكرة امرأة في مجال تقريبا عسكري. إحنا مجالنا شبه عسكري نخضع لنفس القوانيين العسكرية. فعندي صعوبة بهذا الشي. لحد الآن ما أكدر أقول إني أمام كل أحد إنه اشتغل بهذا المجال”.
وتقول: “من (منذ أن) دخلت بهذا المجال كثير شخصيتي تقوت. صرت أشوف نفسي ماكو (لا) فرق بيننا وبين الرجال مثل ما الولد يدخل للحقل ويفتح ممر.. نفس الشي أنا أو فريقي وفريقي هم بنات خمس بنات عندي بالفريق بالظبط عادي ما يختلف شغلنا عنهم (عن الرجال)”.
تعرب عن أملها في أن يؤتي العمل الذي تقوم به هي وفريقها ثماره وأن يتم إزالة جميع الألغام والمتفجرات.
وتقول: “إحنا من نأتي ونخلي حد لهذه المأساة. نخلي حد لمعاناة العالم (الناس). ما العالم تبقى تعاني مستمر. يعني خلصت الحرب ولحد الآن العبوات موجودة فهي طبعا مساعدة للناس وهذه الأراضي الزراعية كانت كلها متوقفة ما حد يقدر يرجع للزراعة ولكن من إحنا ننظفها نسلم الأرض يرجعون من جديد يرجعون يزرعون يكملون حياتهم”.