تمشي الشقيقتان رباح ورفاه حمد الله، اللتان تحترفان فن التطريز، في التكية السليمانية بدمشق، التي يقع فيها محل التطريز اليدوي الخاص بهما، وتقومان بترتيب منتجاتهما وتستقبلان الزبائن.
لكن قبل خمسين عاما عندما بدأتا حياتهما المهنية، لم يكن هذا هو إيقاع حياتهما اليومية، لأن مجتمعهما كان محافظا لدرجة أن الآباء كانوا يرفضون عمل البنات.
مع ذلك، عندما رأت رفاه، أثناء رحلة لها، بائعات في إيطاليا، أصرت على فتح متجر.
لم يرضخ والدها إلا بعد أن وجد أماكن عمل بدون نوافذ عرض.
تقول السيدة البالغة من العمر 74 عاما: “رجعت بالفكرة إنه أنا لازم أعمل مثلا، حسيتن سابيقنا بهالتفكير، فرجعت لوالدي قلت له أنا بدي محل. قال لي يا بابا شو لازمك مصاري أنا بعطيكي بس أقعدي بالبيت.. أبدا بدي محل.. بدي محل مو مشان المصاري لأن بابا كانت أحواله منيحة”.
وأضافت: “أجا شاف السوق إنه مو مثل الأسواق التانية.. وحضر لي ياها مفاجأة حضره ونادى لنا”.
بدأت الشقيقتان أولا ببيع المنتجات الجاهزة، لكنهما تقدمتا خطوات عبر تعلم التطريز بعد قياس مدى اهتمام السائحين بهذه المنتجات.
قالت رباح: “أول فترة هو (والدهما) يبعت لنا بضاعة من المحل من عنده بس بعدين وقت شفنا السواح بيلفت نظرهم تطريز الإيد بلشنا بسنة ١٩٧٢”.
وأضافت رفاه: “فتح السوق بال ١٩٧٢.. تمينا شي (حوالي) تلات سنين ناخد من عند الوالد عبايات خالصة، بعدين علمنا كيف بيطرزوا وهيك بيعملوا”.
ثم مضت قائلة: “ما اختصرنا الموضوع إنه العباية تنلبس بفولوكلور، أو حفلة تنكرية. نحن حدثنا. شاءت الظروف إنه أتجوز لايطاليا بلد الفاشون.. القصات الأجنبية.. كلها نزلنا عليها النقوش العربية”.
ومنذ ذلك الحين، أصبحتا تُعرفان بما يُسمى في العربية “شيوخ الكار”، أي سادة الحرفة.
وقالت رفاه: “شيخ الكار بيكون أقدم واحد بالمصلحة. ممكن يجي ناس يكونوا أشطر منا بس ما بيكونوا شيوخ متل إللي بدأ فيها بعدين أخدناها أباً عن جد”.
منتجات رفاه ورباح ينجذب إليها السياح والسكان المحليون على حد سواء. كانت السيدتان توظفان أكثر من 20 امرأة بناء على حاجة السوق. لكن هذا العدد تقلص إلى 8 نساء فقط بعد 2011 بعد أن تضاءل عدد السياح بسبب الحرب في سوريا.
وفي حديثها عن حياتها المهنية، تقول رفاه إنها ستظل تعمل حتى أنفاسها الأخيرة. ورغم أنها تحمل جنسية أخرى، إلا أنها “تحب بلدها وعملها وعملاءها”.
وتقول: “سألني ابني لإيمتى قاعدة هون قلت له لآخر نفس. في كتير ناس بيسألوني إنه حدا صاحح له جنسية تانية وبيقعد هون؟ أنا بحب بلدي وبحب شغلي وبحب زبايني”.