يقدم المخرج الفلسطيني الشاب محمد عيد مسرحيته الجديدة (خراريف) المقتبسة عن نص الكاتب الروماني الفرنسي أوجين يونسكو بعنوان “تخريف ثنائي” برؤية فلسطينية بمشاركة ثلاثة ممثلين.
المسرحية من إنتاج مسرح (الحارة) الفلسطيني وتدور أحداثها داخل غرفة متواضعة بها سرير وكرسيين ومرآة وشموع في عمارة سكنية يتضح من السياق أنها تقع بالقرب من حاجز عسكري.
تنطلق المسرحية بنقاش حول نوعين من الحيوانات السلحفاة والحلزونة إن كانا نفس الحيوان أم لا بطريقة لا تخلو من الفكاهة قبل الانتقال إلى مواضيع وقضايا مختلفة.
وقال المخرج لرويترز اليوم الجمعة إن العرض “ينتمي إلى المسرح العبثي الذي يتناول العديد من القضايا ولا يتوقف عند قضية واحدة، لا يسمى الأشياء بأسمائها يترك ذلك لخيال الجمهور”.
وأضاف “حاولنا الحفاظ على روحية النص الأصلي الذي كتب قبل ستين عاما علما بأن التشابه بين الأحداث والقضايا موجود إلى حد كبير ولا زلنا نعيش تلك الأحداث”.
وعلى مدى خمسين دقيقة هي مدة العرض كانت تتعالى ضحكات الجمهور عندما كان يتناول الممثلون نقولا زرينة وهديل تكروري العلاقات الزوجية بقالب كوميدي ساخر.
اشترك في التمثيل جريس أبو جابر في دور أحد جيران الزوجين الذي كان يدخل ويخرج من الغرفة متناولا القضايا بين الجيران في مكان مزدحم يعرف فيه الناس تفاصل حياة بعضهم.
واستخدم المخرج مؤثرات صوتية وضوئية في المسرحية عند الحديث عن الاشتباكات المسلحة في الخارج دون التوضيح إن كانت اقتتال داخلي أم بين المقاومين والمحتلين وكذلك إطلاق قنابل الصوت والغاز عند الحديث عن الحاجز.
وقال المخرج بعد عرضين للعمل في رام الله وبيت لحم يومي الأربعاء والخميس “بدأنا جولة عروض لهذا العمل المسرحي وسيكون لدينا عروض بعد رام الله وبيت لحم في نابلس وجنين وغيرها من المناطق”.
وأضاف “عملنا على إسقاط بعض الأحداث الفلسطينية على النص الأصلي ومنها الاقتتال الداخلي، وما بين الحرب والسلام، والحياة الزوجية وما فيها من مشاكل داخل البيت والتي تنطبق على المشاكل خارجه”.
وتختتم المسرحية على وقع كلمات أغنية (كبرت المدينة) من كلمات سامر الصالحي وغناء جورج غطاس التي يقول مطلعها “كبرت المدينة وصارت مش الي / كبرت الشوارع والحجر علي / وتبعا الرصيف فقرا وشحادين وناس تعبانين / ولساتني أنا والناس تعبانين”.
وقال الممثل نقولا زرينة لرويترز “النص الأصلي مشابه لواقع فلسطيني عم بنعيشه من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية”.
وأضاف “هذه الغرفة تشبه ما نعيشه اليوم من تقوقع وفقدان الرغبة في التغير نحو الأفضل وهذا خطير بالنسبة لنا نحن الفلسطينيون لأن فقدان هذا الشعور يعني فقدان الأمل بمستقبل أحسن”.
وكان للعرض وقع جيد على المشاهدين والنقاد وبعض الكتاب الذين شاهدوه ومنهم وزير الثقافة الفلسطيني السابق إيهاب بسيسو الذي أثنى على (خراريف) في صفحته بفيسبوك.
وكتب يقول “في مسرحية ‘خراريف‘ اتحدت الكثير من عوامل النجاح التي جعلت المسرحية لوحة مكثفة للوقت الإنساني عموما والفلسطيني على وجه الخصوص في مواجهة عبث الحروب والصراعات الأهلية”.
وأضاف “هنا – على خشبة المسرح – تذوب تفاصيل البارود القاتل خارج البيت الصغير وتظهر عقدة المحاصرين بالتوتر والقلق والخوف أمام جمهور يرى الكثير من ملامحه اليومية وجها لوجه على خشبة المسرح”.
وتابع “هنا تتلاشى المسافة المتوقعة بين المتخيل والواقعي في مساحة ضيقة شبه محطمة كتلك الأجساد التي تحاول حماية ما تبقى من صوابها وذاكرتها وأحلامها في وقت الحرب”.
وسيكون العرض القادم للمسرحية يوم الاثنين في مدينة نابلس بينما لم يحدد بعد موعد العروض الأخرى.