لطالما كان الشتاء مصدرا للإلهام بالنسبة للعديد من الرسّامين وفي الوقت الذي يكسو فيه الشتاء المدن بالثلج والصقيع، اكتسى الشتاء نفسه في المخيّلة الشعبية بالكثير من لحظات البهجة والاحتفال.
وقد خلّد الكثير من الرسّامين الشتاء في أعمالهم، تارة عبر مشاهد واقعية للمدن والغابات بعدما صارت بيضاء بفعل الثلج. وتارة أخرى في ضوء أشعة الشمس الذهبية التي تشرق على هذا البياض فيذوب بعضه تدريجيًا. إلا أن التركيز البالغ للرسّامين كان على نقل روح الشتاء ومظاهر الاحتفال والبهجة التي تصاحبه بالرغم من أن الأمر لم يكن كذلك في البداية.
فالشتاء قبل القرن الـ15 لم يكن موضوعا ذا أهمية، فقد تسببت الحروب الدينية في أوروبا بين الكاثوليك والبروتستانت في هيمنة المواضيع الدينية على الرسم. وحتى اللوحات القليلة التي لم تكن تدور في إطار ديني، كان منوطا بها إبراز عبقرية الرسّام وموهبته الفذة.
وبحلول عصر النهضة وصولا للقرن العشرين، شهدت المواضيع الفنية تنوعًا كبيرًا بحكم سيادة مذاهب فكرية جديدة، وهو الأمر الذي انعكس على الفن. فتنوعت المدارس التشكيلية نفسها بين واقعية وانطباعية وسريالية وغير ذلك. وقد كان للشتاء ولوحات المناظر الطبيعية نصيب الأسد من ذلك التنوع.
فقد كان لفلسفة العودة للطبيعة وسيادة العقل أبلغ الأثر في تشكيل أوروبا الجديدة. ومنذ القرن الـ15 حتى منتصف القرن الـ20 تقريبًا حل الشتاء ضيفًا في مئات اللوحات، وقد وصل تمثيل الشتاء إلى ذروته مع المدرسة الانطباعية على يد رائدها الرسّام الفرنسي كلود مونيه.