يصنع علي بن طلوبة الحلي والمجوهرات الأمازيغية بدقة ومهارة، ويحول شغفه إلى رسالة حياة، حاملا على عاتقه مهمة الحفاظ على فن عمره ألوف السنين.
يصوغ الناشط الأمازيغي قطع الحلي حسب الطلب بأسلوب تجاوزته وغطت عليه التصاميم الأكثر حداثة.
يمضي الصائغ التونسي الساعات بورشته في صنع الحلي من الفضة معتمدا على قوالب من منحوتات أمازيغية قديمة.
يقوم بتذويب الفضة بطريقة تقليدية باستعمال الفحم الحجري. ويقول “هذا التيقار عمره أكثر من مئة عام في أقل الأحوال. هناك طوابع تبين ذلك وهو مصنوع بالمرجان الأصلي”.
رغم تراجع الصناعة في السنوات الماضية، ما زالت الفضة تحظى بشعبية كبيرة وتقبل عليها النساء الأمازيغيات بتونس.
ويحاول بن طلوبة أيضا توعية الزبائن بقيمة هذا التراث وتشجيعهم على الحفاظ عليه.
يقول: “أنا أحاول تشجيع وتحبيب الناس في المجوهرات الأمازيغية حتى بالتسهيلات في الدفع وذلك لتشجيعهم لكي يحافظوا على هذه المجوهرات. عندما تأتيني امرأة أقوم بتوعيتها بأهمية امتلاك هذه المجوهرات لأنها ستبقى باسمها وتعيش أكثر منها بكثير، أي بعد مئة سنة سيذكرون من هي صاحبة هذه المجوهرات”.
ويوضح بن طلوبة أهمية الفضة في التراث. ويقول “مجوهرات الأمازيغية هي من الفضة وذلك لأن المناجم الموجودة في شمال أفريقيا من الفضة أكثر من الذهب لذلك كانوا يصنعون كل شيء من الفضة، في تونس هناك الكثير من مناجم الفضة في منطقة الكاف وباجة أو في الجزائر هناك الفضة أكثر من مصر والسودان فهم لديهم الذهب لذلك نرى الفراعنة كانوا يلبسون الذهب كثيرا لكن نحن لا كنا نلبس الفضة كثيرا، أموالنا كانت من الفضة ولذلك لأنهم وجدوا هذا المعدن في أرضنا واستعملوها”.
وفي منزله، تقول الزوجة التي ترتدي الملابس التقليدية إنهما يصطحبان ابنتيهما لحضور المناسبات الأمازيغية كلما أمكنهما ذلك لزيادة الوعي بتراثهم، ويتحدثان اللغة الأمازيغية بالمنزل أحيانا.
وتوضح الزوجه إيمان بوستة “نحن نحاول المحافظة على هذا الموروث الثقافي وذلك بتوريثه إلى أطفالنا. أنا أحاول دائما أن ألبس بناتي هذا اللباس وأن آخدهم ليحضروا تظاهراتنا مثل رأس السنة الأمازيغية. أحاول دائما أن أشرح لهم تراثنا، ألبسهم مجوهرات على مقاسهم وذلك لأن زوجي حرفي مجوهرات فهو يصنع لهم. أيضا اللغة أحاول دائما المحافظة عليها. نتكلم بها أحيانا في البيت ليفهموها ولا ينسوها”.
تقول والدته، في منزلها بالعاصمة التونسية، إن شراء مثل هذه المجوهرات يعد استثمارا مدى الحياة.
توضح الوالدة مريم طرابلسي: “نحن نعلم أولادنا ونحث أولادنا بدورهم أن يعلموا أولادهم لكي لا ينقطع اللباس الأمازيغي هذا ويبقى دائما موجود. هذه الخلة عمرها مئتي سنة أو أكثر فهي ملك جدة أمي. أمي توفيت وأمها أيضا ونحن كبرنا. أتمنى أن يحافظ أولادنا على هذا التراث. هذه يسمونها خلة الطرابلسي وهذا اسمه تيقار وتلك يسمونها القُصة”.