تحافظ النساء في بلدة سجنان بغرب تونس على فنون حرفة فريدة تتوارثها لأجيال، في عملية تعتمد على الجهد البدني الشاق والمهارات الفنية التي تبرز دقة التفاصيل في إنتاج الأواني وأدوات الطهي والتماثيل المصنوعة من الفخار.
تقع سجنان في منطقة تبعد نحو 120 كيلومترا شمال غربي العاصمة تونس، بولاية بنزرت في شمال غرب البلاد، وتتكون في الأساس من مجتمع متماسك يغلب عليه الطابع الريفي، ويستغل طاقاته في نقل المهارات القديمة للأجيال الجديدة.
وهناك، تعيش ذهبية سعيداني البالغة من العمر 86 عاما وما زالت تعمل في صناعة الفخار مع ابنتها وحفيدتها. تقول النساء الثلاث اللائي ينتمين إلى ثلاثة أجيال متعاقبة إن العملية صعبة لكنها “ممتعة”.
وقالت ذهبية إنها تعلمت الحرفة من والدتها التي تعلمتها من أسلافها.
وتضيف: “هذا الطين نقوم بالبحث عنه ثم نقوم بجلبه ووضعه في الماء حتى ينتفخ ثم نقوم بتطريته عبر الضغط عليه بالساقين ثم نعجنه لكي يصبح متماسكا غير قابل للكسر. وهذه طريقة تحضيره.. هذا العمل متعب كثيرا، من طين في الأرض لتصبح أواني للطبخ. العملية متعبة جدا فتسخين الفخار في النار من أصعب المراحل فهي السبب في أمراض العينين”.
وتردف: “وجدنا أجدادنا يشتغلون في هذه المهنة مثل الآن. وجدت أمي تصنع الفخار فأصبحت أصنع مثلها، مثل ابنتي هذه، فأمي اشتغلت وأنا مثلها والآن الوقت لابنتي وابنتها من بعدها. هذه الطريقة متوارثة عبر الأجيال”.
وتعرب عن سعادتها بالعمل رغم مشقته قائلة: “صناعة الفخار صعبة جدا، لكنها بالنسبة لي متعة. فأنا أقوم بتشكيل الأشياء كيفما أريد. كل تمثال أقوم بتشكيله كما أريد”.
من جانبها تقول زينب فرحات منسقة مجمع الخزف بسجنان “هذه الحرفة هي موروث ثقافي توارثته الأجيال، ونحن في المجمع عملنا ممتثل في المحافظة على هذا الموروث الثقافي لكي لا يندثر. لذلك نحن نقوم بتشجيع الأجيال الجديدة، والنساء اللاتي ينتقلن إلى منطقة سجنان، على تعلم هذه الحرفة والمحافظة عليها أولا كموروث ثقافي وثانيا كمورد رزق للحرفيات”.
وتستخدم النساء الطين والنار ويصنعن العجين بالأيدي والأقدام، ويشكلن مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية المبتكرة لأغراض البيع أو العرض.
وبالرغم من صعوبتها، تقول النساء إنهن يشعرن بالسعادة أثناء تأدية العمل الفريد.