تعكس معظم المعارض التي تُقام في أوروبا والولايات المتحدة، لاستعادة فنون إحدى حضارات العالم القديم وامتداداتها إلى اللحظة المعاصرة، صورةً نمطية حولها في الذهنية الغربية، سواء بتحقيب تاريخها وفق نظرة تُقصيها كحضارة مركزيّة فاعلة في زمانها، أو التعامل مع فنونها من منطلق عقَد إكزوتيكية، ناهيك عن أنّ معظم ما يُعرض من قطع أثرية قد تمّ نهبها خلال فترة الاستعمار.

تحضر هذه الرؤية، إلى حدٍّ بعيد، في معرض “ملحمة إيران” الذي افتُتح في الثالث عشر من الشهر الجاري في “متحف فيكتوريا وألبرت” في لندن (يتواصل حتى الثلاثين من أغسطس المقبل)، ويضمّ نحو ثلاثمئة وخمسين عملاً فنياً تغطيّ ما يقارب خمسة آلاف عام.

تمّ تصميم المعرض ليشابه العمارة الإيرانية ذات الجذور المتعدّدة؛ الفارسية والإسلامية والمغولية والحديثة، حيث يدخل الزائر من بوابة تؤدّي إلى حدائق تُبرز العناصر الأربعة (السماء والأرض والماء والنبات) المستمدّة من الفلسفة الزرادشتية، بما يُماثل تصوّرها حول “جنة عدن”، وصولاً إلى قصرٍ ومكتبةٍ بناهما الإيرانيون القدامي متجاورَين على مدى قرون.

يُقدّم المعرض ثلاث لوحات جدارية ارتفاعُها عشرة أمتار، تحاكي موجةً من الرسوم برزت منذ القرن الثالث عشر في عدد من المباني المكسوّة بالسيراميك في مدن إيرانية مختلفة مثل أصفهان، وذلك كجزء من التقاليد الملكية في تلك المرحلة. كما تُعرض كتب ومؤلّفات أدبية، أهمها “شاهنامه” (كتاب الملوك) الذي يضمّ ستين ألف بيت من الشعر نظمها أبو قاسم الفردوسي، ويروي خلالها تاريخ الفرس وأساطيرهم منذ القدم وحتى القرن السابع الميلادي.