تنشغل الغرف السياسية العراقية والإقليمية بتوقع ما ستؤول إليه أوضاع بغداد بعد الانسحاب الأميركي المزمع تنفيذه نهاية كانون الأول من العام الحالي.
وتأتي التوقعات في ظل وقوع العراق في مزيد من الأزمات، ليس بدءا بخطر الفصائل المسلحة المتنامي ومعضلة الاقتصاد، ولا انتهاء بدوامة ما بعد انتخابات تشرين.
وقضى الاتفاق الموقع بين مصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء وجو بايدن الرئيس الأميركي في الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي نهاية تموز الماضي، بسحب قوات واشنطن من العراق، وتحويل دورها من قتالي على الأرض إلى استشاري واستخباري في قاعدتي “عين الأسد” و”حرير”.
وتبدو المسافة بين القاعدتين البالغة نحو 500 كم، مشدا لخصر العاصمة وضابطا لإيقاعها الأمني، لكنها لا تطمئن القيادات العراقية لحقبة ما بعد الانسحاب.
ويقول خبير أمني مستندا إلى آراء سياسيين ومستشارين عسكريين، إن مزاج بغداد يرفض وجود الأميركيين علنا ويفضله في السر، خشية من اصطدامه بالفصائل وأجنحتها السياسية، لكنه يؤمل نفسه ببقاء 2500 مستشار، قد يضمنون عدم الانسحاب على الطريقة الأفغانية.
ويتفق مع مزاج بغداد بالخشية من الانسحاب قادة من الكرد والسنة بشكل صريح، مضيفين إليه تخوفا من تنظيم داعش الذي ما يزال ينفذ ضربات في خواصر من غرب العراق وشماله، فضلا عن عدم امتلاك القوات الجوية ما يكفي لتغطية الفراغ الذي سيتركه الطيران الأميركي.
وتثير ثنائية البقاء والانسحاب الخوف من سيناريوهات قديمة قد تتجدد بثغرة أمنية على الأرض أو في السماء، فيما يبدو عراق ما بعد الانسحاب محاطا بالوجود الأميركي من جميع الجهات، إلا الشرق.