في مركز الفسيفساء بمدينة أريحا الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، تعكف مجموعة من الحرفيين الفلسطينيين على إعادة الحياة لهذا الفن الذي يشكل معلما رئيسيا في تراثهم الثقافي والمعروف منذ أكثر من ألفي عام.
فقد كانت الفسيفساء تُستخدم فيما مضى لتزيين بيوت الفلسطينيين وأصبحت الآن جزءا أساسيا من المعالم التاريخية في كثير من المدن الفلسطينية.
وعادة ما يستخدم الحرفيون العاملون في مركز الفسيفساء الزجاج أو الأحجار الطبيعية المتوفرة لديهم بأربعة وعشرين لونا يأتون بها من المحاجر والجبال والوديان.
وعن العمل في المركز تقول نعمة الشوا، وهي واحدة من فريق الحرفيين في مركز الفسيفساء: “بده تركيز وبده وقت وبده جهد كمان، وفيه دقة، يعني زي ما أنت شايف في الرسمة هون مرسومة بالريشة، نحنا بنحولها من رسم الريشة إلى حجر. فشوف التفاصيل نفس ما الرسمة، نفس ما بتطلع عندنا. هذه الرسمة لكنيسة البشارة في الناصرة مبيوعة ومستخدم فيها نوعين من الأحجار، أحجار طبيعية وزجاج، الأحجار الطبيعية الموجودة هنا في فلسطين فيه عندنا حوالي ٢٤ لون بنجيبها من المحاجر، من الجبال، وفيه اشي من الوديان”.
ويقع مركز الفسيفساء على حافة واد يبعد مئات الأمتار عن قصر هشام الأثري الذي يضم أكبر لوحة فسيفساء مكتشفة في العالم حتى الآن.
وأسس المركز أسامة حمدان في أريحا “مدينة القمر” منذ ما يقرب من 20 عاما، كجمعية خيرية غير ربحية تسعى إلى حماية التراث الثقافي الفلسطيني وتعزيزه وبناء فريق عمل لعمل نسخ متماثلة وتجديد الفسيفساء التاريخية.
وقال أسامه حمدان، مدير المركز: “مركز الفسيفساء هي إعادة ولادة فن الفسيفساء من جديد في فلسطين وصار فيه اهتمام. ونحنا بنشوف هذا الشي يوم بعد يوم إنه كيف بيزيد الاهتمام ومعرفة الناس وتوعيتها لهذا الفن الجميل اللي هو كان حتى يستخدم في بيوتنا العادية في يوم من الأيام، ولكن الآن أصبح فن لأنه بيتطلب جهود ووقت طويل وحساسية عالية. هو عبارة عن الرسم بالحجارة فهو أصعب من مزج الألوان الزيتية والمائية لأنه مزجها بتقدر تخلق. ولكن هذه حجارة طبيعية ونحنا موجودة عندنا في الطبيعة وحجارة فلسطين أو الأراضي المقدسة فتستخدم وتقدر إنك أنت تشكل لوحة يمكن أنها توصل رسالة وتكون في الها جمال كبير برضه”.
ويهدف المركز إلى عمل نسخ من أرضيات فسيفساء فلسطينية أصلية وعرضها في المكان، وتنظيم معارض في شتى المدن الفلسطينية لنشر الوعي بأهمية الحفاظ على الموروث الثقافي والفسيفساء بشكل خاص، وإنتاج لوحات فسيفساء جديدة.
ويمكن لزائر مركز الفسيفساء مشاهدة نسخ مصغرة للوحات مشهورة كتلك الموجودة في قصر هشام الأثري وتسمى شجرة الحياة ويظهر فيها أسد وثلاثة غزلان وشجرة.
ويسعد كثير من الفلسطينيين العاملين في مركز الفسيفساء بتجميع قطع الفسيفساء الملونة معا لإبداع أعمال فنية مبهرة، ويقولون إن ذلك يتطلب جهدا وصبرا وتركيزا.
وقال بشار جرارعة، الخطاط في مركز الفسيفساء: “زمان كان شغلهم غير عن شغلنا اليوم، كانت عندهم يعني مواد بدائية، ما كان عندهم زي اليوم. نحنا اليوم عندنا مثلا المنشار على الكهرباء، عندي كل الأساليب اليوم غير ما كانوا يستخدموها زمان. كانوا زمان يشتغلوا بالطريقة المباشرة وطريقة قص الحجر كانت عندهم صعبة مش زي، يعني بتعرف أنت كيف نحنا اليوم بنعيش في عالم التكنولوجيا والصناعة وعندنا المواد اللي نقدر نشتغل عليها”.
وشارك المركز في عمليات ترميم للفسيفساء خارج فلسطين، في مقدونيا وإيطاليا وسوريا ولبنان.