يقول كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الرئيس يرغب في إرساء اقتصاد مبني على الصادرات والمزيد من النمو والاستقلال الاقتصادي، وسط ترنح للعملة التركية الليرة أمام الدولار.

وتعاني الليرة التركية من تراجع حاد لقيمتها أمام الدولار، بعدما بلغت أكثر من 18 ليرة للدولار الواحد، قبل أن تتحسن كثيرا وتصعد إلى 12 ليرة للدولار أمس الاثنين في أعقاب تصريحات لأردوغان قال فيها إنه بلاده ستطلق أداة مالية جديدة تتيح تحقيق نفس مستوى الأرباح المحتملة للمدخرات بالعملات الأجنبية عبر إبقاء الأصول بالليرة.

 

ويؤكد الرئيس التركي أن خفض معدلات الفائدة سيكون مفيدا جدا لاقتصاد البلاد، ويدعو إلى التحلي بالصبر لرؤية نتائج هذه السياسة الجديدة، بحسب ما تقرير بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني.

وللإجابة عن السؤال المطروح بشأن ما يرغب أردوغان في تحقيقه، يؤكد التقرير أن الإجابة ربما تكمن في الشرح الذي قدمه أردوغان وأعده كبير مستشاريه الاقتصاديين جميل إرتيم.

هذا الشرح الذي حمل عنوان “نموذج اقتصادي جديد: أسبابه وفوائده”، يركز على المشاكل المزمنة لاقتصاد تركيا، والتي عانى منها خلال العقود الماضية بسبب ارتفاع كلفة الاقتراض، وانخفاض سعر الصرف.

يركز إرتيم في شرحه لهذه السياسة:

  • على فكرة الاستقلالية الاقتصادية، حيث إنه من المستحيل أن يكون البلد مستقلا اقتصاديا إذا كان ينفذ سياسات مالية مبنية على معدلات مرتفعة وقرارات منصاعة لتعليمات صندوق النقد الدولي.
  • يشدد إرتيم على أن سياسة رفع الفائدة أدت إلى حلقة مفرغة من انخفاض الصادرات وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة الواردات، وتزايد الدين الخارجي وتبعية البلاد، وهو ما يتطلب المزيد من رفع الفائدة، وبالتالي يجعل الاقتصاد يدور في دوامة فارغة. نتيجة هذا الوضع هي أن البلاد تعاني الآن من عجز الموازنة وارتفاع الدين الخارجي، وهو وضع اقتصادي يفتح الباب أمام تعرض البلاد لهجمات اقتصادية خارجية.

 لماذا معدلات فائدة منخفضة؟

يقول كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس التركي إن هذا النموذج الجديد المبني على معدلات فائدة منخفضة، سوف:

  • يرفع الصادرات ويخفض الواردات، مؤديا بذلك إلى فائض في الموازنة وزيادة النمو وخفض معدلات البطالة.
  • كما أنه سيجعل من المنتجات التركية قادرة على المنافسة عند انخفاض قيمة الليرة.

ويشير إرتيم إلى أن التطورات الجيوسياسية في الماضي كانت دائما تستغل كوسيلة لضرب الاقتصاد التركي، على غرار ما حدث خلال احتجاجات منتزه غيزي في 2013، والمحاولة الانقلابية الفاشلة في 2016، والعقوبات الأميركية في 2018، والتدخل العسكري التركي في سوريا في 2019.

ويشير الكاتب إلى أن الخبراء المتابعين للشأن التركي، يعتقدون أن هنالك مؤشرات ملموسة تؤكد نظرية أردوغان وإرتيم بشأن الاستفادة من خفض معدلات الفائدة:

  • إذ إنه منذ أغسطس/ آب الماضي، خفض البنك المركزي التركي الفائدة بواقع 500 نقطة قاعدية، من 19% إلى 14%، وفي الأثناء قفزت الصادرات بنسبة 33% في نوفمبر/تشرين الثاني، لتصل قيمتها إلى 21.5 مليار دولار، في حين حققت الموازنة الحالية فائضا بقيمة 3.16 مليارات دولار في أكتوبر/ تشرين الأول.
  • كذلك شهدت تركيا انخفاضا في نسبة البطالة بفارق 2% في أكتوبر/تشرين الأول مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وقد نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7% خلال الربع الثالث من 2021.

غير أن هذه السياسة الحكومية لا تحظى بالشعبية لدى المستثمرين، لأنها تزيد من معدلات التضخم، التي ينتظر أن تلامس 26% خلال هذه العام.

 

صلابة النظام المصرفي التركي

كما يعبر إرتيم عن ثقته في صلابة النظام المصرفي التركي، خاصة أن 3.5% فقط من القروض تصنف على أنها متعثرة، وغالبا ما تستخدم الشركات التمويلات البنكية في مشاريع تعزز النمو وتوفر مواطن الشغل.

وتراهن الحكومة على تدفق السياح بشكل أكبر وزيادة إنفاقهم بداية من مارس/آذار المقبل، في انتظار تعافي قطاع النقل من الإجراءات المفروضة بسبب الجائحة.

وقد تزايد تدفق السياح على تركيا بنسبة 143% خلال الربع الثالث من 2021، مقارنة بالفترة نفسه من العام الماضي، وتم إنفاق 11.3 مليار دولار خلال هذه الفترة ذاتها.

تحذيرات

يحذر الخبراء من أن خفض قيمة الليرة يضع عبئا كبيرا على كاهل المواطن التركي البسيط الذي يعاني الآن من غلاء المعيشة في ظل ارتفاع الأسعار.

فقد قفز سعر الدقيق بنسبة 300% في عام واحد، وشهدت أسعار بعض المواد الأساسية مثل الحليب والجبن ارتفاع بنسبة 47%، وحتى بعد أن رفع أردوغان الأجر الأدنى بنسبة 50% يوم الخميس الماضي، لا تزال المقدرة الشرائية للمواطن تعاني من التدهور، في بلد يستورد الكثير من الأساسيات مثل السيارات والوقود، يؤكد تقرير ميدل إيست آي.