قد تعتقد أنك شاهدت العديد من الأفلام التي تروي قصص حقيقية صادمة ولن تتفاجأ مجددا، ولكن في أحدث مسلسلات شبكة “إتش بي أو” (HBO) بعنوان “لاند سكابرز” (Landscapers) ستشاهد شيئا ليس له مثيل من قبل، وتتمنى من بشاعة القصة أن لو كانت خيالية من تأليف الكاتب، ولكنها للأسف مستوحاة من حقيقة تقشعر لها الأبدان.
يحكي هذا المسلسل القصير قصة حقيقة مضطربة، بطلاها الزوجان البريطانيان سوزان إدواردز (أوليفيا كولمان) وكريستوفر إدواردز (ديفيد ثيوليس) اللذان تعاونا لقتل والدي الزوجة بدم بارد عام 1998، وتمكنا من إخفاء جريمتهما المروعة لأكثر من 15 سنة.
مظاهر كاذبة
سوزان وكريستوفر زوجان بريطانيان متواضعان. سوزان استخدمت خيالها للتعامل مع خيبات الأمل السابقة في حياتها، فبسبب افتقارها للحب والأمان، لجأت إلى مشاهدة الأفلام الرومانسية للشعور بالحب والدفء، وأصبحت منذ صغرها مولعة بالممثل الأميركي غاري كوب، وخاصة أفلامه التي تنتمي لفئة “ويسترن” أو أفلام الغرب الأميركي، حيث يظهر في دور البطل القوي الذي لا يمكن قهره، وهو ما كان يشعرها بالأمان والحماية التي كان يجب أن تتلقاها من والدها.
وتنظر سوزان، التي وصفت نفسها خلال محاكمتها بأنها “محطمة”، إلى الحياة من منظور هذه الأفلام المهووسة بها، حيث يتدخل الأبطال لإنقاذ الآخرين ووضع حد لخراب الأشرار، ومن هذا المنظور ترى سوزان نفسها وزوجها أنهما بطلان، ومن شدة اقتناعهما بذلك، قررا تسليم نفسيهما للشرطة، ظنا منهما أنه سيتم إطلاق سراحهما لأنهما لم يرتكبا أي خطأ.
المال أم الثأر؟
اتفق الزوجان على رواية واحدة، ورغم تكررها طوال التحقيقات، فإن الشرطة توصلت إلى حقائق مختلفة تفيد أن دافع القتل هو المال، وهو ما يشكك في كثير من تفاصيل روايتهما التي تشير إلى أن الدافع هو تاريخ الإساءة التي تعرضت لها سوزان، ويدمج “لاند سكابرز” بين الروايتين ليمحو بذلك الخطوط الفاصلة بين حياة الزوجين المبنية على الوهم والعالم الواقعي؛ في محاولة لشرح طريقة تفكيرهما والدافع الحقيقي وراء هذه الجريمة.
وذكرت شبكة “بي بي سي” (BBC) البريطانية أنه على مدى 10 سنوات عقب الجريمة، فعلت سوزان وكريستوفر كل شيء للتظاهر بأن القتيلين على قيد الحياة، وذلك بدفع الفواتير وإرسال بطاقات ورسائل عيد الميلاد لإعطاء الأقارب “تحديثات” كما ظل الزوجان على اتصال مع وزارة العمل والمعاشات التقاعدية، حتى يتمكنا من تلقي معاشات والدي سوزان.
عام 2005، قامت سوزان وزوجها ببيع بيت والديها عن طريق تزوير توقيعاتهما، واستمرا في كذبتهما، حتى جاءت ضربة غير متوقعة في الذكرى المئوية لميلاد والد سوزان، وطلبت وزارة العمل والمعاشات أن تلتقي به شخصيا، وذلك ما دفع سوزان وكريستوفر إلى الفرار مذعورين إلى فرنسا، وعاشا على الأموال التي سرقاها من والديها حتى نفدت.
وفي النهاية، قضت المحكمة أن كريستوفر وسوزان ارتكبا جريمة قتل مزدوجة مع سبق الإصرار، وكشفت الشرطة أن الزوجين سرقا ما يقرب من 400 ألف دولار من والدي سوزان، وأنفقا الجزء الأكبر من هذه الأموال على تذكارات هوليود، وعام 2014 حُكم عليهما بالسجن المؤبد لمدة لا تقل عن 25 عاما، بينما لا يزالا مصرين على براءتهما من هذه التهمة.