من وراء الشاشات الإلكترونية، يظهر فرحنا وغضبنا وشتى أنواع المشاعر التي تجد متنفسا لها بعيداً عن الحرج في الحياة الواقعية.
إلا أن البعض استغل هذه المساحة المتاحة في التنمر على الآخرين، اعتقادا منهم بعدم وجود رقيب ، أو لغياب المسائلة.
لكن مريم أجويد الفتاة المغربية المقعدة، رفعت مسألة التنمر التي استهدفتها على منصات التواصل الاجتماعي إلى القضاء لملاحقة من تناولوها كمادة للسخرية، كما شهدت مصر حالة مماثلة، حين تعرضت ابنة الفنانة المصرية يسرا اللوزي للتنمر لأنها صماء. كل هذا في سياق قد يجعل من أصحاب المشكلات الصحية أو المتلازمات المرضية هدفا سهلا للمضايقات في الفضاء السيبراني.
رغم ذلك، هناك من يرى أن الصورة ليست بهذه القتامة، فمقابل حوادث التنمر تلك ، فتحت منصات التواصل بابا للتعريف بحياة ذوي الإعاقة أو المتلازمات والتوعية بحالاتهم بهدف التعامل معها على نحو صحيح.
الإنترنت بوابة للتوعية
زارا بيث، فتاة أمريكية تبلغ من العمر 16 عاماً، تعاني من متلازمة تسمى توريت نسبة إلى طبيب الأعصاب الفرنسي الذي شخص الحالة أول مرة.
زارا ناشطة على تيك توك وانستغرام ويوتيوب حيث تشارك لحظات حياتها بطريقة عفوية وحتى ساخرة في بعض الأحيان لتشارك الآخرين معها بما يحدث لها من أعراض غريبة بسبب المتلازمة تتمثل في القيام بحركات مفاجئة بشكل لا إرادي بأيديها أو برأسها وعيونها.
وإصدار أصوات غريبة وحتى التلفظ بالشتائم في بعض الأحيان، في ما يُعرف باسم كوبرولاليا coprolalia، ما يضعها في مواقف محرجة.
ويعتبر توريت مشكلة خلقية عصبية حسبما يشرح لنا د. لؤي حلالشة وهو طبيب جراحة دماغ وأعصاب في مشفى ابن الهيثم في العاصمة الأردنية عمّان، ويقول حول التعامل معه: “العلاج سلوكي نفسي بالدرجة الأولى. لكن في حال كانت الأعراض شديدة وفي إطار المعتقدات الاجتماعية والحرج الذي قد يؤدي إلى الاكتئاب والقلق المرضي لدى المريض، فيكون دور العلاج الدوائي داعماً فقط”.
ويضيف د. لؤي بأنه يمكن اللجوء إلى التدخل الجراحي في حال استمرت الأعراض الشديدة لما بعد عمر الـ 20 عاما، وذلك عن طريق زرع أقطاب داخل الدماغ تساهم في السيطرة بشكل أكبر على الحركات اللاإرادية التي تصدر عن المريض.
وتكاد الإحصاءات تكون معدومة في المنطقة العربية حول حالات توريت، أما الدراسات الغربية فتتقارب نسبة الإصابات فيها لتبلغ 1% أو أقل.
“التوحد في أغنية”
وتعلّق فاتن حول تجربتها قائلةً: “كان للسوشال ميديا دور كبير في حياتي وحياة محمود فقد غيرتها للأفضل، كما غيرت حياة الكثيرين من أصحاب الإعاقة أو “أصحاب الهمم” في العالم العربي، لأنها غيرت عقلية الأهل وطريقة تعاملهم مع أطفالهم عندما شاركت التجربة كأم لطفل متوحد”.
التحدث عن الإعاقة بشكل علني في العالم العربي يعد غالباً أمرا معيباً أو محرجاً،