UTV - بغداد

ذكر علي علاوي، وزير المالية، اليوم الأربعاء، أن تغيير سعر الصرف منع تسريح آلاف الموظفين، فيما أشار الى أن موازنة 2022 ستوفر فرصة لتقوية شبكة الحماية الاجتماعية.

وقال علاوي، في بيان، إنه “في الأسابيع القليلة الماضية كانت هناك تصريحات بين كبار الشخصيات السياسية بشأن سعر الصرف المناسب”، لافتا إلى أن “وزارة المالية عالجت هذه المسألة مرات عدة وفي عدد من العروض التفصيلية فيما يتعلق بالاستراتيجية والسياسة الكامنة وراء تعديل سعر الصرف”.

وأضاف علاوي “نأمل من خلال عرض سياستنا بطريقة واضحة ومقنعة، أن يكون لدى الحكومة المقبلة المعلومات الأساسية الصحيحة للتفاعل مع هذا الأمر”، مشيرا إلى أن “صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وجميع الدول الصناعية دعموا تغيير سعر الصرف في وثائق وتقارير منشورة”.

وأوضح وزير المالية أن “الهدف من تخفيض سعر الصرف في كانون الأول 2020، جاء بعد انهيار عائدات النفط العام الماضي، حيث كانت الحكومة العراقية تواجه ضغوطا تمويلية هائلة بينما كانت تكافح للوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية الأساسية، واحتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي كانت في مسار هبوط سريع، وفي كانون الأول 2020، كان من المتوقع أن تنفذ في غضون عام، وكان تأرجح العراق على شفا أزمة شاملة هو أحد أعراض الضعف الذي طال أمده أمام انخفاض أسعار النفط، ولم تكن كافية جهود الحكومة لتأجيل كل الإنفاق غير ذي الأولوية والتركيز على دفع الرواتب في الوقت المناسب والمعاشات التقاعدية والمعونات الاجتماعية”.

وأشار إلى أن “سد العجز المالي الكبير للغاية من دون تخفيض قيمة العملة كان يتطلب تخفيضات عميقة ومؤلمة في النفقات الاجتماعية وتسريح آلاف الموظفين، إلا أن تخفيض قيمة العملة ضروري للسماح بتعديل مالي أكثر تدريجيا، وبالتالي تجنب الاضطرابات الكبيرة في الخدمات العامة الرئيسة، من خلال تشجيع الاستهلاك المحلي على الابتعاد عن الواردات”.

وبين علاوي أن “تخفيض قيمة الدينار ساعد أيضا على حماية احتياطيات البنك المركزي العراقي من النقد الأجنبي ومنح المنتجين العراقيين فرصة لخلق فرص عمل ودخل من خلال المنافسة الأفضل في السوق المحلية”.

وبشأن إمكانية رفع قيمة الدينار بعد صعود أسعار النفط، ذكر علاوي أنه “على الرغم من أن تخفيض قيمة العملة في العام الماضي واستعادة أسعار النفط قد ساعد في تحسين الوضع المالي للعراق، فمن الأهمية أن نأخذ في الحسبان أن البلد لا يزال ضعيفا للغاية، ويمكن أن تتحول الفوائض الحالية إلى عجز مع عودة أسعار النفط إلى وضعها الطبيعي على المدى المتوسط، وقد يؤدي حدوث انكماش آخر في سوق النفط بسهولة إعادة البلاد إلى شفا أزمة”.

ولفت إلى “إمكانية استعادة الاقتصاد العراقي قوته الكاملة ويكون مستداما، فيجب أن تكون السياسات الاقتصادية موجهة نحو تحسين المرونة في مواجهة تقلبات أسعار النفط من خلال بناء مصدات مالية وتنويع الاقتصاد”.

وواصل قائلا إن “إعادة تقييم الدينار سيكون له تأثير معاكس، وهناك أسباب وجيهة لندرة إعادة تقييم أسعار الصرف الثابتة، فعلى سبيل المثال في العام 2005 أعادت الصين تقييم عملتها استجابة لضغوط شديدة من الولايات المتحدة التي هددت بفرض رسوم جمركية على الواردات، ما هي العواقب الرئيسة لرفع قيمة العملة؟ وهل ستساعد الفقراء؟ ستؤدي إعادة التقييم إلى خفض قيمة الدينار لعائدات النفط وبالتالي القضاء على جزء كبير محتمل من موارد الميزانية، والتي يتم توظيفها في إعادة الإعمار والصحة والتعليم والتحويلات الاجتماعية ومجالات أخرى ذات أولوية، وستضعف بشدة قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية”، مشيرا إلى أن “زيادة الطلب على العملات الأجنبية يمكن أن تزعزع استقرار سوق العملات وتؤدي إلى اتساع هوامش العرض والطلب، والمستوردون هم الأكثر استفادة من إعادة التقييم”.

وأضاف أن “التجارب من البلدان الأخرى تشير إلى أنه بعد إعادة التقييم، يمرر جزء صغير فقط من هوامش ربحهم الموسعة إلى المستهلكين ويستحوذون على الجزء الأكبر منها بأنفسهم، وذلك لأن الهدف التجاري المتمثل في خفض الأسعار ليس إفادة المستهلكين بل إخراج المنافسة، ولاسيما المنتجون المحليون، إذا كان المنتجون المحليون يعانون بالفعل من ضغوط مالية، فسيكون حتى خفض بسيط في الأسعار كافيا لإخراجهم من العمل”.

ورجح علاوي أن “تكون الفوائد التي تعود على المستهلكين ضئيلة، وسيكون الضحايا الرئيسون لإعادة التقييم هم رواد الأعمال المحليون والمزارعون وعمال القطاع الخاص، وسيصبح دفع تنمية القطاع الخاص وبناء قاعدة إنتاج محلية أكثر صعوبة عندما تصبح الواردات أرخص، وللسبب نفسه لن تشعر الفئات الفقيرة والضعيفة إلا بقدر ضئيل من الفائدة، إن وجدت على الإطلاق”.

وأشار إلى أن “معظم البلدان أدركت منذ فترة طويلة أن أكثر الأدوات فعالية لمساعدة الفقراء هي المساعدة النقدية المباشرة التي يتم تقديمها إلى جيوب من هم في أمس الحاجة إليها”، لافتا إلى أن “موازنة 2022 ستوفر فرصة لتقوية شبكة الحماية الاجتماعية في العراق”.

وقال علاوي إنه “بعد أن أصبح لدى الحكومة الوسائل للقيام بذلك، فإن محاولة مساعدة الفقراء من خلال رفع قيمة الدينار ستكون أشبه بإلقاء فواتير نقدية من طائرة مروحية على أمل أن تهبط على أعتاب المستفيدين المقصودين، في حين تم تعديل سعر الصرف منذ ما يقرب من العام، فقد ربطه العديد من المعلقين غير المسؤولين بالمستويات المتزايدة للأسعار خلال العام الماضي، وهذا غير صحيح”، منوها إلى أن “العراق يتأثر كما هو الحال بالنسبة لبقية العالم، بانهيار سلاسل التوريد العالمية بسبب وباء كوفيد 19”.
وأضاف أن “تكاليف الشحن والنقل زادت بشكل كبير، وزادت المواد الغذائية وزيوت الطعام بشكل ملحوظ، وكذلك تكاليف مواد البناء والعديد من السلع المصنعة، بما في ذلك السيارات والشاحنات”، موضحا أن “الرأي المتفق عليه بين الخبراء الاقتصاديين هو أن سلاسل التوريد ستتم إعادة تأسيسها في المستقبل القريب وأن هذا سيكون له تأثير مثبط على الأسعار”.
ولفت إلى أن “وزارة المالية تعتقد أن الآثار الإيجابية لتعديل العملة بدأت بالظهور، وينعكس ذلك في الطلبات المتزايدة على التراخيص الصناعية في العراق للإفادة من سعر الصرف الأكثر تنافسية”، مبينا أن “العديد من المستوردين والتجار السابقين ينظرون إلى السوق المحلية بشكل مختلف الآن، بهدف زيادة مستوى استثماراتهم الإنتاجية، وذلك سيُترجم إلى فرص عمل أكبر وأفضل لشعبنا”.