لا يمكن لنا أن نتذكر بداية دوران كاميرا السينما في العراق من دون العودة إلى التعاون المثمر والخلاق بين السينما العراقية والمصرية، الأمر الذي أسهم في تأسيس أضواء الفن السابع في العراق بجميع حمولاته الجمالية والصورية.

وإذا كانت مصر قد أنتجت أول فيلم سينمائي (ليلى) عام 1927، فإن السينمائيين العراقيين باشروا عام 1946 بإنتاج أول فيلم عراقي من قبل مجموعة من الشبان المتحمسين للسينما، فأسسوا (شركة أفلام الرشيد العراقية-المصرية)، وأنتجوا أول فيلم عراقي بعنوان (ابن الشرق) من إخراج الفنان المصري (إبراهيم حلمي) ومثل فيه عدد كبير من الفنانين العرب مثل بشارة واكيم ومديحة يسري ونورهان وآمال محمد وسعيد خليل، ومن العراق شارك في الفيلم عادل عبد الوهاب وعزيز علي وحضيري أبو عزيز.

 

عرض الفيلم خلال أيام عيد الأضحى المبارك في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1946 في سينما الملك غازي ببغداد، التي كان موقعها في نهاية حديقة الأمة من جانب ساحة الطيران، وحقق إقبالا جماهيريا طيبا، أما عرضه في القاهرة فكان في 23 يناير/كانون الثاني 1947 في سينما لوكس.

وأصبح يوم عرض فيلم “ابن الشرق” عيدا للسينما العراقية يحتفل به السينمائيون العراقيون، لكن بعد مدة اعترض عليه البعض لأنه لم يكن عراقيا خالصا واستبدلوه بفيلم “فتنة وحسن” الذي أخرجه الفنان حيدر العمر عام 1954.

دفع نجاح فيلم (ابن الشرق) إسماعيل شريف صاحب سينما الحمراء في بغداد، بالتعاون مع اتحاد الفنانين في القاهرة الذي يضم المخرج أحمد بدرخان والمصور عبد الحليم نصرو والماكيير آنذاك حلمي رفله، إلى إنتاج فيلم (القاهرة-بغداد) من بطولة عميد المسرح العراقي حقي الشبلي أمام الفنانة مديحة يسري.

وفيلم “ابن الشرق” يحكي قصة شاب عراقي اسمه عادل يدرس الطب في القاهرة، فيتعرف إلى فتاة يحبها ويخطبها، لكن سرعان ما يكتشف أنها فتاة لعوب تحاول خداعه والإيقاع به، وينتهي الفيلم بعودته إلى حبيبته بعد أن يكون قد اكتشف دواء لمرض خطير.