نسمع باستمرار التحذيرات الخطيرة بشأن حالة الطوارئ البيئية والمناخية، وتطرح في العادة حلول علمية وتكنولوجية بديلة لكن الخبراء يلفتون النظر منذ عقود إلى أهمية وأولوية التناول الثقافي لقضايا البيئة، فالتحولات الكبرى تبدأ بتغير الأفكار.

وفي تقريرهما الذي نشره موقع “ذا كونفرسيشن” (the conversation) الأسترالي، يستعرض الكاتبان تي-هان تشانغ وهنري ديكس قائمة بأهم الكتب التي ستمنحك منظورًا بديلًا وتُغيّر طريقة تفكيرك في المسائل البيئية وتغير المناخ، وذلك خلافًا للآراء السائدة المبسطة التي تفيد بأن إجراء بعض التغييرات التكنولوجية والحياتية كفيل لفهم الطبيعة والتواصل معها.

كتاب “غايا” للكاتب جيمس لوفلوك (1979)

في كتابه الصادر عام 1979، قدّم جيمس لوفلوك مفهومًا جديدًا تمامًا للأرض باعتبارها نظامًا ذاتي التنظيم قادرًا على تصحيح أي تقلبات قد تجعل هذا الكوكب غير صالح للسكن، مثل زيادات أو انخفاضات درجات الحرارة العالمية أو نسبة ملوحة المحيط.

وتفترض فلسفة “غايا” أن الأرض منظومة بيئية واعية ذاتية النظم، ويمكن التفكير فيها باعتبارها كائنا واحدا.

فعلى سبيل المثال، يوضح لوفلوك كيف أسهمت البيئة في خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للتعويض عن ارتفاع درجة حرارة الشمس بشكل مطرد. وقد أسهم ذلك في بقاء درجات الحرارة العالمية في نطاق صالح للسكن.

ولا تكمن أهمية كتاب “غايا” في ادعاءاته العلمية الجريئة فحسب، وإنما في الطريقة التي يفتح بها المجال أمام إمكانية المزاوجة بين العلم والروحانيات، والحقيقة والغاية.

“هل يجب أن تكون الأشجار قائمة؟” للكاتب كريستوفر دي ستون (1972)

يدعي كريستوفر ستون أنه لا يمكن إنشاء أي قانون قبل البدء في تحدي عدم وجوده. في السابق، كان من المستحيل التفكير في أن يكون للمؤسسات حقوق مثل البشر، وينطبق الأمر ذاته على الكائنات الحية والأنظمة البيئية.

كما أن الطبيعة نفسها ليس لها حقوق، على عكس الأشخاص الذين يمتلكونها أو يستخدمونها. في المقابل، يجادل ستون بأنه يتعيّن علينا معاملة بعض الكيانات الطبيعية، مثل الأشجار والغابات والأنهار، مثل البشر ومنحهم “حقوقًا”.

 

يجري تبني هذه الفكرة الجوهرية بشكل متزايد؛ فما بين عامي 2008 و2009، أصبحت الإكوادور وبوليفيا أول دولتين في العالم تعترفان بالطبيعة باعتبارها شخصية معنوية في دساتيرها. وعام 2017، اعترفت نيوزيلندا بنهر وانغانوي باعتباره شخصية معنوية.

من خلال تطوير هذه الأفكار في طبعة 2010 من الكتاب، يتساءل ستون عما إذا كان ينبغي أيضًا منح المناخ وضعًا قانونيًا. وهو يرى أن هذا الأمر يُمثل إشكالية ولكن تحققه ليس مستحيلا، على الرغم من أنه قد يتطلب نظامًا قانونيًا يتجاوز هيكل الدولة القومية الحالي.

“تقليد الطبيعة” للكاتبة جانين بينيوس (1997)

يُنكر قلة من الناس حقيقة أن التكنولوجيا ستلعب دورا رئيسيا في تحقيق الاستدامة. ولكننا في الغالب نركز على التكنولوجيات الفردية، على غرار السيارات الكهربائية أو العبوات القابلة للتحلل، من دون إعادة التفكير في التكنولوجيا ككل.

من جانبها، تعتقد جانين بينيوس أن الاستدامة تتطلب اتباع نهج مختلف تمامًا، يقوم على الابتكار المستوحى من الطبيعة أو “تقليد الطبيعة”.

ويستكشف كتابها ممارسة تقليد الطبيعة لحل تحديات التصميم البشري، ويقدم العديد من دراسات الحالة التي توضح كيف يمكن تطبيق تقليد الطبيعة على كل مجال من مجالات الابتكار تقريبًا، مثل توليد الطاقة الشمسية استنادا إلى التمثيل الضوئي الطبيعي.

وربما يكمن المغزى الأعمق للكتاب في الطريقة التي يدعونا بها إلى النظر إلى الطبيعة باعتبارها مرجعًا نتعلم عنه ومنه على حد سواء. وفي هذه الحالة، يجب أن نتوقف عن التفكير في أنفسنا باعتبارنا المالك الوحيد للذكاء والمعرفة، ونتعرف بدلا من ذلك على عبقرية الطبيعة.

“جديلة العشب الحلو” للكاتب روبين وول كيميرير (2013)

مثل جانين بينيوس، يعتقد روبين ووول كيميرر أن الطبيعة لديها الكثير لتعلمنا إياه. ولكن في حين تركز بينيوس على الابتكار التكنولوجي، يهتم كيميرير بالدروس الأوسع نطاقًا.

في الواقع، يتمثل الموضوع الرئيسي لكتابه “جديلة العشب الحلو” في كيفية دمج حكمة الشعوب الأصلية والمعرفة العلمية معًا.

 

بعبارة أخرى، تعلمنا بعض النباتات أن البشر ليسوا من خارج الطبيعة بل يمثلون جزءًا منها، وباستخدام الأساليب الصحيحة نستطيع تمكين الأنواع الأخرى من الازدهار مثلنا.

“مناخ التاريخ في عصر الكواكب” لديبيش تشاكرابارتي (2021)

من خلال معالجة معنى تغيّر المناخ عبر عدسة التاريخ، يقترح ديبيش تشاكرابارتي إجراء تحول جوهري من التفكير في تغير المناخ على أساس بعده “الكوكبي” لا “العالمي”.

يؤمن تشاكرابارتي أنه في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بحل مشكلة “عالمية”، فإننا نغفل عن التساؤل عما تعنيه “العالمية” بالنسبة لنا اليوم.

 

ويوضح الكاتب أن “العالمية” هي فكرة تتمحور بالأساس حول الإنسان، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بعولمة ما بعد الحرب والحداثة.

وعلى النقيض من ذلك، يجعلنا التفكير في “الكوكب” نكف عن اعتبار الإنسان هو مركز كل شيء، مما يسمح بأخذ وجهات النظر والمصالح غير البشرية بعين الاعتبار. والأهم من ذلك، أن هذا المنظور يزيد إمكانية اكتشاف قيم عالمية جديدة.

علاوة على ذلك، يؤكد تشاكرابارتي أن تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري مرتبط ارتباطا وثيقا بحركات التحديث المناهضة للاستعمار في منتصف القرن العشرين. كما يزعم تشاكرابارتي أننا لن نتمكن من ضمان استدامة الكوكب إلا من خلال التغلب على هوسنا المستمر بالنمو والتطور.