عن 96 عاماً، رحلت أمس الأحد الشاعرة والتشكيلية اللبنانية إيتيل عدنان، لتطوي رحلة أدبية وفنية طويلة.
عدنان التي تجمع روافد سورية ويونانية وتركية ولبنانية، ارتبط شعرها بالحروب والثورات، فكتبت عن فلسطين ولبنان والعراق وحرب فيتنام وثورة التحرير الجزائرية.
ونعى مدير “معهد العالم العربي” في باريس جاك لانج الراحلة قائلاً: “علمت ببالغ الأسى برحيل إيتل عدنان. هذه الروح الشاعرة الملونة فائقة العذوبة التي عبرت عن معاناتنا وفرحنا وحبنا. كانت فنانة نادرة ومتكاملة ذات موهبة متقدة وذكاء مذهل. هذه الرحالة غير العادية جعلتنا نهتز للقوافي الجريئة القادمة من أرجاء البحر المتوسط”.
في العام 1977 نشرت عدنان (1925 – 2021) رواية “الست ماري روز” عن الحرب الأهلية اللبنانية، فيما تميزت في الشعر وكتابة المقال والتأليف المسرحي والرسم والنحت وأصدرت نحو 20 كتاباً بالإنجليزية والفرنسية منها: “سفر الرؤيا العربي” و”عن مدن ونساء” و”قصائد الزيزفون” و”سيد الكسوف” و”باريس عندما تتعرى”.
وامتاز شعر عدنان بحساسية لقضايا التحرر، وللسكّان الأصليين للولايات المتحدة، ولرفض الهيمنة الاستعمارية في بلدان كفلسطين والعراق حيث “أوروبا مغطاة بالبترول المحترق”.
وكتبت في قصيدة عام 2013: “انظروا عبر التلفزيون إلى إخوانكم يموتون/ لا تحرّكوا ساكناً/هم الآن في عالم آخر جديد/ بلا منفذ”.
وصلت تجربة عدنان الشعرية إلى القراء العرب من خلال ترجمات أنجزها العراقي الراحل سركون بولص والتونسي خالد النجار إلى جانب ترجمات أخرى.
أما في رحلتها التشكيلية فكانت أعمال إيتيل عدنان تبدو أقرب إلى طفلة رائية تلعب بالألوان، إلا أنها تميّزت بالتنوّع والعمق.
عدنان المولودة لأب سوري مسلم من دمشق كان ضابطاً عثمانياً في بيروت، ولأم يونانية مسيحية من مواليد إزمير، اصطبغت حياتها بهويات المشرق العربي المتعددة.
ولذلك كانت علاقتها باللغة الفرنسية إشكاليّة، وذكرت في مقابلة صحفية أنها تحمل من طفولتها تجربة مريرة مع مدارس الراهبات، حيث قالت: “ما زلت أكرههن لأنّهن حرمنني تعلّم العربيّة. لاحقاً، حين صرت صديقة أدونيس ومحمود درويش، كنت أحزن لعجزي عن مشاركتهما الحديث بالعربيّة”.
حصلت ايتيل عدنان على العديد من الجوائز خلال حياتها منها لقب “فارس” في الفنون والآداب من الحكومة الفرنسية.
ومن آخر وأبرز الاحتفاءات بأعمال عدنان التشكيلية المعرض الاستعادي الذي افتتح في “متحف غوغينهايم” بنيويورك، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بعنوان “مقياسٌ جديد للضوء”، ويستمر حتى 10 كانون الثاني/ يناير 2022.