عُرض خلال فعاليات مهرجان فينسيا السينمائي فيلم “سبنسر” (Spencer) من إخراج بابلو لارين وكتابة ستيفن، نايت وبطولة كريستين ستيوارت في دور الأميرة ديانا الراحلة، ليلقي الضوء مرة أخرى على حياة أميرة القلوب، واحدة من أكثر الأشخاص أيقونية في القرن الماضي، والتي بسبب شخصيتها وسيرة حياتها وتحولاتها ما زالت حتى اليوم واحدة من أكثر الشخصيات الحقيقية ظهورا في السينما والتلفزيون.
https://www.instagram.com/p/CIdlOZ0DW_s/?utm_source=ig_embed&ig_rid=278b083f-990f-4c1e-a9c5-688a33b49d23
فخلال عامي 2021 و2022 فقط قدمت 3 ممثلات مختلفات شخصية الأميرة ديانا على الشاشة، هن كريستين ستيوارت في الفيلم محل هذا المقال، وإيما كورين في مسلسل “التاج” (The Crown) في دور ديانا الشابة، وإليزابيث ديبكي، في دورها خلال مرحلة أكبر عمرا.
3 أيام كافية
تدور أحداث فيلم سبنسر في 3 أيام فارقة بحياة الأميرة ديانا، وهي عطلة عيد الميلاد الأخيرة التي قضتها مع العائلة المالكة قبل طلاقها مباشرة وشهدت وصولها إلى قرار الانفصال النهائي، وهذه العطلة تم تخصيص حلقة كاملة لها كذلك في مسلسل “التاج” لأهميتها في حياة العائلة المالكة بالكامل وليس فقط ديانا، لأن بعدها بدأت الملكة في التساهل بما يخص قرار الطلاق في أفراد العائلة المالكة للتخلص من ديانا التي لم تجلب على العائلة سوى الكثير من الدراما، وكسرت قواعد الهدوء المميت للعائلة.
اختار مخرج الفيلم بابلو لارين هذه الأيام الثلاثة في الأسلوب ذاته الذي قدم فيه عام 2017 فيلمه “جاكي” (Jackie) الذي تناول حياة السيدة الأولى الأميركية جاكلين كيندي بعد مقتل زوجها جون كيندي مباشرة، وركز على التداعيات النفسية والعقلية للمصاب الكبير، وكيف تفاعلت جاكي مع هذا الحدث.
كل من جاكي وديانا تجمع بينهما الكثير من الصفات المشتركة، شابتان شديدتا الجمال، من أصول أرستقراطية، تم إعدادهما للعيش بين أفراد الطبقة المخملية، تتزوجان من أشخاص مميزين للغاية سياسيا (ولي العهد البريطاني، والرئيس الأميركي) ولكن تدخلان في علاقات مسمومة مع أزواج غير مبالين سوى بذواتهم.
هؤلاء هن النسوة اللاتي يرغب المخرج لارين في طرح قصصهن، ولكن من زاوية محددة، وفي فترة زمنية مكثفة للغاية، ليدلف المشاهد العادي إلى هذا العالم المرعب لحياة الأميرات، التي ليست كما نتخيل تماما.
كلتا الشخصيتين كذلك واقعتان تحت ضغط نفسي غير اعتيادي في الفترة التي اختارها لارين، فجاكلين تعيش صدمة مقتل زوجها بين يديها، وديانا على وشك التداعي نفسيا بسبب الضغط المستمر عليها من العائلة المالكة وقواعدها القاتلة للروح، وعدم قدرتها على اتخاذ قرار الاستمرار مع الإذلال الواضح من زوجها أم الهرب لبدء حياة أكثر حرية.
أين ديانا من كل هذه النسخ؟
تمتعت الأميرة ديانا بمظهر خاص للغاية، جمال فاتن وشخصية ساحرة، وحياة درامية سكنها الحزن، وذوق خاص في الملابس، مما جعلها بالفعل واحدة من أهم أيقونات الجمال والأناقة في القرن الـ20، وتسبب هذا الجمال إلى حد ما في مأساتها، لأنه بجانب جذب أفراد العائلة المالكة لها في البداية، واختيارهم لها كزوجة لولي العهد، كانت محط أنظار رجال الصحافة والمصورين طوال الوقت، الأمر الذي قادها في النهاية للموت، بمطاردة مجموعة منهم لسيارتها في أحد أنفاق باريس لتقتل في حادث سيارة.
ظهرت الأميرة ديانا في العديد من الأعمال الروائية، مع ممثلات عديدات، ووجهات نظر مختلفة، وفي كل مرة تحاول الممثلة التي تؤدي دورها الاقتراب قدر الإمكان من مظهرها، مع تصميم أزياء مشابهة لها، واتخاذ نفس طريقة وقفتها وإمالة رأسها، ومع الوقت أصبحت الممثلات لا يقدمن دور ديانا، بل ما يتصورنه عن ديانا أو ما قدمته السابقات لهن، فأصبحن ممثلات يحاكين ممثلات أخريات، أو صورة ذهنية متخيلة.
وتلك هي أزمة أداء كريستين ستيوارت لدور الأميرة ديانا، والذي كان نقطة الضعف الوحيدة في فيلم سبنسر، فطوال الوقت يصل إلى المشاهد أن تلك هي امرأة تصبغ شعرها باللون الأصفر وتميل رأسها لتشبه الأميرة ديانا، هي تمثل، وبإفراط، ومحاكاة تامة، وتكسر حاجز التماهي مع الشخصية.