انتصر الروبوت على الإنسان في الألعاب الذهنية مثل الشطرنج، والثقافية مثل جيُباردي، والذهنية النفسية مثل البوكر، فهل ينتصر في الألعاب الرياضية مثل كرة القدم؟

في عام 1997 أقيمت في مدينة ناغويا اليابانية أول بطولة عالمية لكرة القدم بين الروبوتات، شارك فيها 33 فريقًا روبوتيًّا من 11 دولة، وما زالت هذه البطولة تقام سنويًّا في بلدان مختلفة.

 

وتقيم منظمة “روبوكاب” (RoboCap) هذه البطولة السنوية بإشراف مجموعة من أساتذة الجامعات المتخصصين، وتخطط لتنظيم مباراة عام 2050 بين فريق كرة القدم البشري الفائز ببطولة العالم آنذاك، وفريق من الروبوتات على شكل بشر يجري إعداده منذ الآن لهذه اللعبة.

فهل سيتمكن فريق الروبوتات هذا من الفوز على بطل العالم البشري في ذلك الوقت؟ هذا ما تعمل عليه روبوكاب حاليا وهو “أمر ممكن”، وفق ما صرح به بيتر ستون رئيس المنظمة وأستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة تكساس بالولايات المتحدة.

ويقول بيتر إن أحد التحديات التي واجهها العلماء هو “بناء إنسان آلي يمكنه الركض بسرعة وسهولة مثل أي شخص، ويمكن أن ينحني مثل ديفيد بيكهام أو يركل الكرة ويغير اتجاهه”. ويضيف “قبل 20 عامًا لم أكن أتخيل المستوى الذي وصلنا إليه اليوم، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل نقطعه”.

لاعب كرة الطاولة الروبوتي

لم تكن تلك المرة الوحيدة التي يطور فيها الإنسان روبوتات تمارس الألعاب الرياضية، ففي عام 2014 خاض اللاعب الألماني تيمو بول الحائز بطولة العالم في كرة الطاولة في عامي 2002 و2005 مباراة استعراضية مع أسرع لاعب كرة طاولة روبوتي في العالم آنذاك يسمى كيوكا (KUKA)، في مباراة نظمتها الشركة الألمانية كيوكا للروبوتات ضمن حملة إطلاق مصنعها في مدينة شنغهاي الصينية، وتمكن تيمو بول من الانتصار على الروبوت بنتيجة 11-9.

وفي عام 2015 كشفت شركة “أومرون” اليابانية النقاب عن الروبوت “فورفيوس” (FORPHEUS) الذي يلعب كرة الطاولة كالبشر. يحتوي الروبوت فورفيوس على مجموعة كاميرات يمكنها مراقبة موقع الخصم وحركة الكرة نحو 80 مرة في الثانية، للتنبؤ بمسارها وإعادة التسديد وذلك باستخدام برمجيات ترتكز على الذكاء الاصطناعي.

ويتفوق الروبوت فورفيوس حاليا على كثير من لاعبي كرة الطاولة المحترفين، لكنه لم يبلغ بعد درجة مهارة أبطال العالم. وفي عام 2017 دخل الروبوت فورفيوس موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بوصفه أول مدرب روبوتي لكرة الطاولة، وذلك لذكائه التكنولوجي الفريد وقدراته التعليمية.

وقال تاكو أويا المطور الرئيسي للمشروع لموقع غينيس للأرقام القياسية “في الوقت الحالي، يقوم الإنسان بتعليم الروبوت كيفية التصرف أو التدريس، ولكن في الـ20 عامًا القادمة قد يقوم الروبوت بتعليم روبوت آخر أو بتطوير روبوت”.

لاعب كرة السلة الروبوتي

في عام 2018 أطلقت تويوتا لاعبها الروبوتي لكرة السلة “كيو” (CUE)، وسرعان ما دخلت نسخة متطورة منه (كيو3) عام 2019 موسوعة غينيس عقب نجاحه في تسجيل 2020 رمية حرة متتالية.

تم تطوير الروبوت كيو ليصبح بشكل إنسان طوله نحو 230 سنتيمترا ووزنه نحو 99 كيلوغراما، من قبل 9 متطوعين من قسم “فرونتير ريسيرش” (Frontier Research) في مختبرات البحث والتطوير المركزية في تويوتا باليابان.

يستخدم الروبوت “كيو 7” مستشعرات: واحد في صدره لقياس المسافة إلى السلة والزاوية المناسبة للتصويب، واثنان في قدميه للحركة، و4 في يديه لالتقاط الكرة والمراوغة.

يتم تنشيط ما يقرب من 25 جزءًا من ذراعي الروبوت وأرجله في كل لقطة والتنسيق بينها باستخدام برمجيات ذكية.

لا يستطيع الروبوت كيو حاليا المشاركة في المباريات الفعلية، لكن تطويره مستمر وقد يتطلب الأمر من 10 إلى 20 سنة كي يتمكن من ذلك، وفق ما ذكره توموهيرو نومي قائد المشروع.

الرياضة عام 2050

ويظهر تقرير الروبوتات الصناعية في العالم لعام 2021 -الذي أصدره الاتحاد الدولي للروبوتات (IFR)- وجود نحو 3 ملايين روبوت صناعي في العالم عام 2020، لكن الروبوتات لا تستخدم فقط في الصناعة، بل بات استخدامها يشمل معظم القطاعات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، وذلك يعني إضافة ملايين الروبوتات الأخرى إلى الرقم الذي أشار إليه التقرير.

ويتوقع البريطاني المتخصص في علوم المستقبل إيان بيرسون أنه بحلول عام 2050 سيبلغ عدد الروبوتات في جميع أنحاء العالم نحو 9.4 مليارات، في حين يتوقع مدير مركز شنغهاي للتكنولوجيا التعليمية تشانغ جي أن يتجاوز عدد الروبوتات ذلك الرقم.

يقول تشانغ “من المتوقع أن يصل عدد الروبوتات عام 2050 إلى 10 مليارات، تتعايش مع البشر، وسوف تكون أكثر انخراطًا في جميع جوانب حياة الإنسان”.

وإذا صدق هذا التوقع سيتجاوز عدد الروبوتات عدد سكان الأرض في ذلك الوقت، إذ تقدر الأمم المتحدة أن يبلغ عدد سكان العالم عام 2050 نحو 9.7 مليارات نسمة.

ومن المتوقع أن تتمكن الروبوتات من لعب جميع أنواع الرياضات، وأن تتشكل في ذلك الوقت 3 أنواع من الفرق الرياضية: فرق مكونة من الروبوتات فقط، وفرق مكونة من البشر فقط، وفرق مختلطة.

ويتوقع لذلك أن تقام 4 أنواع من المباريات: بشر-بشر، روبوتات-روبوتات، بشر-روبوتات، ومباريات لفرق مختلطة تضم البشر والروبوتات معًا، وهذا يتطلب إعادة تنظيم عالم الرياضة جذريًّا، وتغيير العديد من قوانينه وسنّ قوانين جديدة تتناسب مع عالم ما بعد 2050.

كما يتوقع كثير من المفكرين المستقبليين وعلماء الذكاء الاصطناعي أن تتوطد العلاقات بين الإنسان والروبوت مع الوقت، أما بيل غيتس المتفائل فيرى أن “الروبوتات والتركيبات الأخرى المرتبطة بها ستجعل العالم رائعًا جدًّا مقارنة بما هو عليه اليوم”.