في شقة صغيرة، تحولت إلى متحف بمدينة الإسكندرية في شمال مصر، تحكي مجموعة مقتنيات مكرم سلامة البالغ من العمر 72 عاما قصة السينما المصرية في أيام مجدها في القرن العشرين. وتضم المقتنيات صورا ظلية (نيغاتيف) وملصقات “أفيش الأفلام” وأجهزة عرض قبل التحول الرقمي.
بدأت المجموعة بصور وملصقات من مسقط رأسه في جنوب مصر عندما كان يعمل في مصنع لإنتاج السكر، وامتدت وتشعبت لآلاف العناصر الأخرى التي حصل عليها من شركات الإنتاج وغيرها بعد التخلص منها أثناء التحول إلى الأفلام الرقمية.
من بين المعروضات 50 جهازا من طرز عتيقة للعرض السينمائي وملصق نادر من فيلم “المؤلف المصري” لسنة 1932، الذي يقول سلامة إن هناك اعتقادا بأنه أحد أقدم الأفلام في تاريخ البلاد.
وتألقت السينما المصرية في منتصف القرن الماضي، عندما كانت ضمن عمالقة هذه الصناعة على مستوى العالم، ومن رحمها خرج عمر الشريف، الذي أصبح نجما عالميا. لكن أفل نجمها وبهت بريقها فيما بعد بفعل الاضطرابات السياسية الداخلية والمنافسة من مناطق أخرى في المنطقة العربية.
ويعرب سلامة عن قلقه، وهو يفكر في مصير ممتلكاته الثمينة. فولداه اللذان يعيشان في الخارج ليس لديهما اهتمام يذكر باقتناء المجموعة التي استثمر فيها أرباحه بعد الانتقال إلى السويس وتأسيس شركة للخدمات البحرية.
ويتوقع أن يبيع بعض مقتنياته، لكنه لن يفرط في أخرى لأنه يعتبرها ذات أهمية وطنية.
ويقول: “عندي النيغاتيف بتاع (صور ظلية للرئيس الراحل جمال) عبد الناصر.. هبيع نيجاتيف عبد الناصر؟”.
في الوقت نفسه، اختفت الكثير من دور السينما التي كانت تنتشر في أرجاء البلاد، من المدن في المحافظات إلى مجمعات شركات النفط في الصحراء.
وقال سلامة: “انتهى كل هذا الآن.. أنا حزين، حزين فعلا. السينما كانت ثاني أهم منتج في البلاد بعد القطن”.
وبحسب المسح الثقافي السنوي الذي نشره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن عدد دور السينما في مصر بلغ 78 دار عرض، معظمها في القاهرة الكبرى والإسكندرية في 2018، نزولا من 110 في 2010.
وأظهر المسح أن عشر مناطق، معظمها في جنوب مصر، ليس بها دور سينما على الإطلاق.